قال القاضي أبو محمد : كما يجعل غرة من أثر الوضوء الحديث، ويؤيد هذا التأويل اتصال القول بقوله :﴿ فضلاً من الله ورضواناً ﴾ كأنه قال : علامتهم في تحصيلهم الرضوان يوم القيامة :﴿ سيماهم في وجوههم من أثر السجود ﴾. ويحتمل أن تكون السيما بدلاً من قوله :﴿ فضلاً ﴾. وقال ابن عباس : السمت الحسن : هو السيما، وهو الخشوع خشوع يبدو على الوجه.
قال القاضي أبو محمد : وهذه حالة مكثري الصلاة، لأنها تنهاهم عن الفحشاء والمنكر، وتقل الضحك وترد النفس بحالة تخشع معها الأعضاء.
وقال الحسن بن أبي الحسن وشمر بن عطية : السيما : بياض وصفرة وبهيج يعتري الوجوه من السهر. وقال منصور : سألت مجاهداً : أهذه السيما هي الأثر يكون بين عيني الرجل؟ فقال : لا، وقد تكون مثل ركبة البعير، وهو أقسى قلباً من الحجارة. وقال عطاء بن أبي رباح والربيع بن أنس : السيما : حسن يعتري وجوه المصلين.
قال القاضي أبو محمد : وذلك لأن الله تعالى يجعل لها في عين الرأي حسناً تابعاً للإجلال الذي في نفسه، ومتى أجل الإنسان أمراً حسناً عنده منظره، ومن هذا الحديث الذي في الشهاب :" من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار ".
قال القاضي أبو محمد : وهذا حديث غلط فيه ثابت بن موسى الزاهد، سمع شريك بن عبد الله يقول : حدثنا الأعمش عن أبي سفيان عن جابر ثم نزع شريك لما رأى ثابت الزاهد فقال : يعنيه من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار، فظن ثابت أن هذا الكلام متركب على السند المذكور فحدث به عن شريك.
وقرأ الأعرج :" من إثْر " بسكون الثاء وكسر الهمزة. قال أبو حاتم هما بمعنى. وقرأ قتادة :" من آثار "، جمعاً.


الصفحة التالية
Icon