فقال مالك : مَن أصبح من الناس في قلبه غيظ على أحد من أصحاب رسول الله ﷺ فقد أصابته هذه الآية ؛ ذكره الخطيب أبو بكر.
قلت : لقد أحسن مالك في مقالته وأصاب في تأويله.
فمن نقص واحداً منهم أو طعن عليه في روايته فقد ردّ على الله رَبِّ العالمين، وأبطل شرائع المسلمين ؛ قال الله تعالى :﴿ مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ الله والذين مَعَهُ أَشِدَّآءُ عَلَى الكفار ﴾ الآية.
وقال :﴿ لَّقَدْ رَضِيَ الله عَنِ المؤمنين إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشجرة ﴾ [ الفتح : ١٨ ] إلى غير ذلك من الآي التي تضمنت الثناء عليهم، والشهادةَ لهم بالصدق والفلاح ؛ قال الله تعالى :﴿ رِجَالٌ صَدَقُواْ مَا عَاهَدُواْ الله عَلَيْهِ ﴾ [ الأحزاب : ٣ ٢ ].
وقال :﴿ لِلْفُقَرَآءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ الله وَرِضْوَاناً إلى قوله أولئك هُمُ الصادقون ﴾ [ الحشر : ٨ ]، ثم قال عز من قائل :﴿ والذين تَبَوَّءُوا الدار والإيمان مِن قَبْلِهِمْ إلى قوله فأولئك هُمُ المفلحون ﴾ [ الحشر : ٩ ].
وهذا كله مع علمه تبارك وتعالى بحالهم ومآل أمرهم، وقال رسول الله ﷺ :" خَيْرُ الناسِ قَرْنِي ثم الذين يلونهم " وقال :" لا تَسُبُّوا أصحابي فلو أن أحدكم أنفق مثل أُحُدٍ ذهباً لم يدرك مُدَّ أحدهم ولا نَصِيفه " خرجهما البخاري.
وفي حديث آخر :" فلو أن أحدكم أنفق ما في الأرض لم يدرك مُدّ أحدهم ولا نَصيفه " قال أبو عبيد : معناه لم يدرك مدّ أحدهم إذا تصدق به ولا نصف المد ؛ فالنصيف هو النصف هنا.
وكذلك يقال لللعُشْر عَشِير، وللخُمس خميس، وللتسع تَسيع، وللثّمن ثَمين، وللسّبع سَبيع، وللسّدس سَدِيس، وللرّبع رَبيع.
ولم تقل العرب للثلث ثليث.


الصفحة التالية
Icon