وقوله سبحانه :﴿ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِى التوراة... ﴾ الآية : قال مجاهد وجماعة من المتأولين : المعنى : ذلك الوصف هو مَثَلُهُمْ في التوراة ومثلهم في الإنجيل، وتم القول، و ﴿ كَزَرْعٍ ﴾ ابتداءُ تمثيل، وقال الطبريُّ وحكاه عن الضَّحَّاك : المعنى : ذلك الوصف هو مثلهم في التوراة، وتَمَّ القولُ، ثم ابتدأ ﴿ وَمَثَلُهُمْ فِى الإنجيل كَزَرْعٍ ﴾.
* ت * : وقيل غير هذا، وأبينها الأَوَّلُ، وما عداه يفتقر إلى سند يقطع الشكِ.
وقوله تعالى :﴿ كَزَرْعٍ ﴾ على كل قول هو مَثَلٌ للنبيِّ عليه السلام وأصحابِهِ في أَنَّ النبي عليه السلام بُعِثَ وَحْدَهُ فكان كالزرع حَبَّةً واحدة، ثم كَثُرَ المسلمون فهم كالشطء، وهو فراخ السُّنْبُلَةِ التي تنبت حول الأصل ؛ يقال : أشطأتِ الشجرةُ : إذا أخرجت غُصُونَها، وأشطأ الزرع : إذا أخرج شطأه، وحكى النقاش عن ابن عباس أَنَّهُ قال : الزَّرْعُ : النَّبِيُّ ﷺ، ﴿ فَازَرَهُ ﴾ : عليُّ بن أبي طالب، ﴿ فاستغلظ ﴾ بأبي بكر، ﴿ فاستوى على سُوقِهِ ﴾ بعمر بن الخطاب.
* ت * : وهذا لَيِّنُ الإسناد والمتن، كما ترى، واللَّه أعلم بِصِحَّتِهِ.
وقوله تعالى :﴿ فَآزَرَهُ ﴾ له معنيان :
أحدهما : ساواه طولاً.
والثَّاني : أنَّ :«آزره» و«وَازَرَهُ» بِمعنى : أعانه وَقَوَّاهُ ؛ مأخوذٌ من الأَزَرِ، وفَاعِلُ «آزر» يحتملُ أنْ يكون الشَّطْءَ، ويحتمل أَنْ يكون الزَّرْعَ.
وقوله تعالى :﴿ لِيَغِيظَ بِهِمُ الكفار ﴾ ابتداء كلام قبله محذوف، تقديره : جعلهم اللَّه بهذه الصفة ؛ ليغيظ بهم الكفار، قال الحسن : مِنْ غَيْظِ الكُفَّارِ قولُ عُمَرَ بِمَكَّةَ : لاَ يُعْبَدُ اللَّهُ سِرّاً بَعْدَ الْيَوْمِ.
وقوله تعالى :﴿ مِنْهُمْ ﴾ هي لبيان الجنس، وليست للتبعيض ؛ لأَنَّه وعد مرجٍ للجميع. أ هـ ﴿الجواهر الحسان حـ ٤ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon