وقرأ قتادة من ﴿ ءاثار ﴾ بالجمع ﴿ ذلك ﴾ إشارة إلى ما ذكر من نعوتهم الجليلة ؛ وما فيه من معنى البعد مع قرب العهد بالمشار إليه للإيذان بعلو شأنه وبعد منزلته في الفضل، وقيل : البعد باعتبار المبتدأ أعني ﴿ أَشِدَّاء ﴾ ولو قيل هذا لتوهم أن المشار إليه هو النعت الأخير أعني ﴿ سيماهم فِى وُجُوهِهِمْ مّنْ أَثَرِ السجود ﴾ وهومبتدأ خبره قوله تعالى :﴿ مّثْلُهُمْ ﴾ أي وصفهم العجيب الشأن الجاري في الغرابة مجرى الأمثال، وقوله سبحانه وتعالى :﴿ فِي التوراة ﴾ حال من ﴿ مّثْلُهُمْ ﴾ والعامل معنى الإشارة ؛ وقوله تعالى :﴿ وَمَثَلُهُمْ فِى الإنجيل ﴾ عطف على ﴿ مّثْلُهُمْ ﴾ الأول كأنه قيل : ذلك مثلهم في التوراة والإنجيل، وتكرير ﴿ مّثْلُهُمْ ﴾ لتأكيد غرابته وزيادة تقريرها، وقرىء ﴿ الإنجيل ﴾ بفتح الهمزة، وقوله عز وجل :﴿ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ ﴾ الخ تمثيل مستأنف أي هم أو مثلهم كزرع الخ فالوقف على ﴿ أَهْلُ الإنجيل ﴾ وهذا مروي عن مجاهد، وقيل :﴿ مّثْلُهُمْ ﴾ الثاني مبتدأ وقوله تعالى :﴿ كَزَرْعٍ ﴾ الخ خبره فالوقف على ﴿ التوراة ﴾ وهذا مروي عن الضحاك.
وأبي حاتم.
وقتادة، وجوز أن يكون ذلك إشارة مبهمة أوضحت بقوله تعالى :﴿ كَزَرْعٍ ﴾ الخ كقوله تعالى :﴿ وَقَضَيْنَآ إِلَيْهِ الأمر أَنَّ دَابِرَ هَؤُلآْء مَقْطُوعٌ مُّصْبِحِينَ ﴾ [ الحجر : ٦٦ ] فعلى الأول والثالث ﴿ مَثَلُهُمْ فِى التوراة وَمَثَلُهُمْ فِى الإنجيل ﴾ [ الفتح : ٩٢ ] شيء واحد إلا أنه على الأول ﴿ أَشِدَّاء عَلَى الكفار رُحَمَاء بَيْنَهُمْ ﴾ الخ، وعلى الثالث ﴿ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ ﴾ الخ وعلى الثاني ﴿ مَثَلُهُمْ فِى التوراة ﴾ شيء وهو ﴿ أَشِدَّاء ﴾ الخ ومثلهم في الإنجيل شيء آخر وهو ﴿ كَزَرْعٍ ﴾ الخ.


الصفحة التالية
Icon