وقوله تعالى :﴿ لِيَغِيظَ بِهِمُ الكفر ﴾ علة لما يعرب عنه الكلام من إيجاده تعالى لهم على الوجه الذي تضمنه التمثيل، وظاهر كلام بعضهم أنه علة للتمثيل وليس بذاك، وقيل : علة لما بعده من قوله تعالى :﴿ وَعَدَ الله الذين ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً ﴾ فإن الكفار إذا سمعوا بما أعد الله تعالى للمؤمنين في الآخرة مع ما لهم في الدنيا من العزة غاظهم ذلك، وهو مع توقف تماميته بحسب الظاهر على كون الكفار مستيقنين بالآخرة ومتحققين كون الوعد منه عز وجل بعيد، وضمير ﴿ مِنْهُمْ ﴾ لمن عاد عليه الضمائر السابقة، و﴿ مِنْ ﴾ للبيان مثلها في قوله تعالى :﴿ فاجتنبوا الرجس مِنَ الاوثان ﴾ [ الحج : ٣٠ ] وليس مجيئها كذلك مخصوصاً بما إذا كانت داخلة على ظاهره كما توهم صاحب التحفة الإثني عشرية في الكلام على قوله تعالى :﴿ وَعَدَ الله الذين ءامَنُواْ مِنْكُمْ وَعَمِلُواْ الصالحات لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِى الأرض ﴾ [ النور : ٥٥ ] فقال : حمل ﴿ مِنْ ﴾ للبيان إذا كان داخلاً على الضمير مخالف لاستعمال العرب، وأنكر ذلك عليه صاحب الترجمة لكن قال : لو ادعى هذا الخلاف في ضميري الخطاب والتكلم لم يبعد.