وفي التحفة الإثني عشرية من ذلك ما تنشرح له الصدور وتزداد به قلوب المؤمنين نوراً على نور، ويا سبحان الله أين جعل ﴿ مِنْ ﴾ للتبعيض من دعوى الارتداد، ولكن من يضلل الله فما له من هاد، وتأخير ﴿ مِنْهُمْ ﴾ هنا عن ﴿ عَمِلُواْ الصالحات ﴾ وتقديم ﴿ مّنكُمْ ﴾ عليه في آية النور التي ذكرناها آنفاً لأن عمل الصالحات لا ينفك عنهم، وذلك ثمت لبيان الخلفاء والعمل الصالح ليس موقوفاً عليه لاستمرار صحة خلافتهم حتى لا ينعزلوا بالفسق، وقال ابن جرير :"منهم" يعني من الشطء الذي أخرجه الزرع وهم الداخلون في الإسلام إلى يوم القيامة فأعاد الضمير على معنى الشطء وكذلك فعل البغوي ولا يخفى بعده.
هذا وفي "المواهب" أن الإمام مالكاً قد استنبط من هذه الآية تكفير الروافض الذين يبغضون الصحابة رضي الله تعالى عنهم، فإنهم يغيظونهم ومن غاظه الصحابة فهو كافر، ووافقه كثير من العلماء انتهى.
وفي "البحر" ذكر عند مالك رجل ينتقص الصحابة فقرأ مالك هذه الآية فقال : من أصبح من الناس في قلبه غيظ من أصحاب رسول الله ﷺ فقد أصابته هذه الآية، ويعلم تكفير الرافضة بخصوصهم، وفي كلام عائشة رضي الله تعالى عنها ما يشير إليه أيضاً، فقد أخرج الحاكم وصححه عنها في قوله تعالى :﴿ لِيَغِيظَ بِهِمُ الكفار ﴾ قالت : أصحاب محمد ﷺ أمروا بالاستغفار لهم فسبوهم، وعن بعض السلف جعل جمل الآية كل جملة مشيرة إلى معين من الصحابة رضي الله تعالى عنهم، فعن عكرمة أنه قال :﴿ أَخْرَجَ شَطْأَهُ ﴾ بأبي بكر ﴿ فَازَرَهُ ﴾ بعمر ﴿ فاستغلظ ﴾ بعثمان ﴿ فاستوى على سُوقِهِ ﴾ بعلي رضي الله تعالى عنهم أجمعين.
وأخرج ابن مردويه.
والقاضي أحمد بن محمد الزهري في فضائل الخلفاء الأربعة.