ينزغ بينهم، فإذا وجد خطأ صغيرا حاول تنميته ليكون خطيئة ضخمة، وليجعل من الشرر التافه نارا مستعرة. وأكثر القتال الذى يدور بين الناس يتولد من هذا البلاء. وعلى جماعة المسلمين أن تسارع إلى تدارك
الموقف وإصلاح ذات البين، فإذا اعتز أحد بالإثم وحاول البغى تظاهر عليه الجميع ووقفوه عند حده. وقد رأيت معارك نزفت فيها دماء غزيرة وأعقبها خسار واسع لأن المسلمين ضعفوا عن قول الحق للمعتدى وعجزوا عن رد بغيه فكانت النتيجة أن هانت الأمة كلها وطمع فيها أعداؤها "وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين ". إن ضعف رباط الأخوة الإسلامية نذير شر، وهو ذريعة إلى تدخل غير المسلمين كى يستغلوا الأوضاع المائلة لمصالحهم الخاصة، والإسلام هو الخاسر أولا وأخرا..! وسورة الحجرات تلفت أنظارنا إلى أخلاق رديئة يجب البعد عنها. فمن الرعونة ومن التطاول الباطل أن تسخر من الآخرين حاسبا نفسك أفضل منهم. إنه لا يعرف حقيقة الفضل إلا الله تعالى. ومكانة أى إنسان تقررها معادلات دقيقة بين وراثته وبيئته، أو بين طباعه الخاصة والتيارات التى تحيط به وتهب عليه. ومن يدرى؟ فقد تسخر من امرئ نجح حيث رسبت أنت! فتقدم وتأخرت! "يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن.. ". ورفض الإسلام اللمز والتعيير والتجسس وظن السوء والغيبة والنميمة. والمؤسف أن أغلب مجالس الناس لا تخلو من هذه الآفات، ولو كف الناس عنها لقضوا نصف أعمارهم صامتين..! لو غربل الناس كيما يعدموا سقطا لما تحصل شىء فى الغرابيل! وعلينا نحن المسلمين أن نعرف رسالتنا بين الناس. إننا لم نخلق لننظر إليهم من أعلى. إننا أصحاب رسالة كلفنا بشرحها بالأدب والحكمة والرحمة والحب. وأخشى أن يكون


الصفحة التالية
Icon