وقال بيان الحق الغزنوى :
سورة الحجرات
(لا تقدموا) [١] لا تتقدموا، كما يقال: عجل في الأمر [وتعجل]. وقيل: معناه لا تقدموا أمراً على ما أمركم الله به فحذف المفعول. (أن تحبط/أعمالكم) [٢] بمعنى فتحبط أعمالكم، أو معناه: أن لا تحبط، أي: لئلا تحبط. الإحباط في الحسنات في مقابلة الغفران للسيئات، فكما أن المغفرة تستر الذنوب، حتى كأنه لم يكن، فكذلك يعمل الإحباط بالطاعات. (امتحن الله قلوبهم للتقوى) [٣]
أخلصها. قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "أذهب الشهوات عنها". (الحجرات) [٤] والحجرات كلاهما جمع حجرة. ويجوز أن تجمع حجرة على حجر، ثم الحجرات جمعها.
وذكر الفرزدق هذه الحجرات في شعره، وعنى به بني هاشم فقال: ١٠٩٩- أما كان عباداً كفياً لدرام بلى ولأبيات بها الحجرات. (لعنتم) [٧] للقيتم مشقة، هذا أصله. ثم لفظ المفسرين مختلف: أثمتم، عن مقاتل.
وهلكتم، عن مجاهد. وحرجتم، عن الكلبي. (حتى تفيء إلى أمر الله) [٩] ترجع إلى الصلح الذي أمر الله به. وقيل: ترجع إلى كتاب الله. (فأصلحوا بين أخويكم) [١٠] لفظها التثنية، ومعناها الجماعة. أي: كل اثنين فصاعداً من المسلمين، إذا اقتتلا فأصلحوا بينهما، ففيه [شيئان:] لفظ التثنية يراد به الجماعة، ولفظ الإضافة بمعنى الجنس، وكلاهما جاء، نحو: لبيك وسعديك، فليس المراد إجابتين، ولا إسعادين، ولكن معناه كما قال الخليل: أي: كلما كنت في أمر فدعوتني له أجبتك إليه، وساعدتك
عليه، ومنه قول جرير: ١١٠٠- وما أنت إن قرما تميم تساميا أخا [التيم] إلا كالوشيظة في العظم ١١٠١- ولو كنت مولى العز أو في [ظلاله] ظلمت ولكن لا يدي لك بالظلم. ومعلوم أنه لا ينفي قوتين اثنتين، وإنما ينفي جميع قواه. وكذلك/قوله عز وجل: (بل يداه مبسوطتان) فإن نعم الله أكثر من أن تحصى. وفي شعر الهذليين:


الصفحة التالية
Icon