ومن جملة ما أدب اللّه به هذه الأمة وهذبها وحسن أخلاقها هو قوله تعالى "يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ" عند اللّه وبعض خلقه وعدم معرفتكم بالأخيرية لا يكفي "وَلا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ عَسى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ" من حيث لا يعلم السّخر فضيلة المسخور منه، وقد يعرفها غيره، قال عليه السّلام إن أحدكم ليرى القذى في عين أخيه ولا يرى الجذع في عينه "وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ" لا تطغوا ولا تحضروا أو تعيبوا بعضكم بعضا ولو بالاشارة أو الرّمز، لأن من عاب أخاه فقد عاب نفسه، ولا يخلو أحد من عيب، فكيف يعيب المعيب غيره ؟ ورحم اللّه امرأ شغله عيبه عن عيوب النّاس راجع أول السّورة الهمزة في ج ١.
قال ابن عباس جاء ثابت بن قيس بن شماس حتى انتهى إلى حضرة الرّسول، فقال لرجل كان بينهما تفسح، فقال له الرّجل أصبت مجلسا فاجلس، فسئل عنه فقال الرّجل أنا فلان، فقال له ثابت بن فلانة وذكر أما له كان يغيرها في الجاهلية، فاستحى الرّجل ونكس رأسه، فنزل أول هذه الآية وقال أيضا أن حفصة رضي اللّه عنها قالت إلى صفية بنت حيي رضي اللّه عنها، يهودية بنت يهوديين، قال أنس فشكتها إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم فقال لها، إنك لابنة نبي، يريد اسحق عليه السّلام، وإن عمك لنبي يريد إسماعيل عليه السّلام وإنك لتحت نبي يريد نفسه صلّى اللّه عليه وسلم، فكيف تفتخر عليك ؟
فنزل الشّطر الثاني منها.


الصفحة التالية
Icon