يدنس إيمانه بما يؤثمه عند ربه، وإذا وقع منه فعليه ان يسارع للاستغفار والاستسماح ولهذا قال تعالى "وَمَنْ لَمْ يَتُبْ" بعد هذا النّهي فيسخر من أخيه أو يسميه بما يكره أو يعيبه او يحقره فيكون مخالفا لأمر اللّه في ذلك، وإذا كان له اسمان فليسمه بأحبهما إليه، ولذلك أتيهم اللّه بقوله "فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ" (١١) أنفسهم بتعديهم عليها ومخالفتهم أمر اللّه تعالى وتجاوزهم على إخوانهم لأن من يسمى بما يكره فكأنما عيّره وعابه، ومن عيّر أخاه فقد ظلم نفسه واستحق العقاب على او العتاب على ذلك وكذلك كلّ ما يحزن المسلم من قول او فعل وعليه ان يسره فمن حسن إسلام المرء إدخال السّرور على أخيه المؤمن، ومن جملة تأديب اللّه تعالى عباده والسّير بهم إلى المثل الأعلى قوله جل قوله "يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ" يوقع صاحبه بالسوء ويستحق العقوبة عليه وإذا كان بعضه إثما فعليه ان يتباعد عنه كله لأنه لا يعرف الذي يأثم به منه، وينبغي أن يظن خيرا أو يترك لئلا يقع فيما يكره أو يثلب ولهذا قال تعالى "وَلا تَجَسَّسُوا" على عيوب النّاس ولا تتبعوا عوراتهم التي سترها اللّه عليهم فتفضحوهم واللّه يحب السّتر، وجاء عنه صلّى اللّه عليه وسلم من كشف ستر أخيه كشف اللّه ستره "وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً" بما فيه وبما ليس فيه لاطلاق النّص، فليقل أحدكم خيرا أو ليصمت.
وتوجد أشياء مستثناة من هذه الآية سيأتي ذكرها بعد.
ثم إن اللّه تعالى لما مثل لخلقه ما يناله المعتاب من عرض أخيه بقوله "أَ يُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً" كأنهم قالوا لا يحب أحدنا ذلك، فلما استجوبهم واعترفوا بأن أحدا لا يحب جيفة أخيه بغير ضرورة وأنه لا يمكنهم إنكار كراهيته.


الصفحة التالية
Icon