وقدمنا ما يتعلق في هذا البحث في الآية ٣٥ من سورة الإسراء ج ١ فراجعها قال تعالى "يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا" فيما بينكم لا لتفاخروا والشّعوب رءوس القبائل مثل ربيعة ومضر والأوس والخزرج، والقبائل ما تشعب منها كبكر من ربيعة وتميم من مضر، والعمائر متفرعة من القبائل كشيبان من بكر ودارم من تميم، والبطون من العمائر كبني
لؤي وغالب من قريش، والأفخاذ من البطون كبني هاشم وبني أمية من لؤي، والفضائل من الأفخاذ كبني العباس من هاشم، والعشائر من الأفخاذ أيضا، والبيت من العشيرة فتقول بيت فلان من عشيرة فلان ومن فخذ فلان إلخ وليس بعد هذا شيء يوصف أو ينسب إليه إلّا الجد، وكلّ من هؤلاء مهما بلغوا من العلو والكثرة في العدد والثروة لا ينبغي أن يتفاضل به إذا كان خاليا من تقوى اللّه القائل "إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ" فلا تفاخر ولا تفاضل بين الناس في الدّنيا إلّا بها، لأنها تستوجب الكرامة من اللّه عند اللّه في الآخرة لا بالأنساب ولا بالمكاثرة "إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ" بأنسابكم وتكاثركم وغناكم لا حاجة لأن يتطاول بها بعضكم على بعض "خَبِيرٌ" (١٣) بالأفضل عنده الذي يستحق كرامة.
وعندكم الذي يستوجب احترامكم لما قال ثابت بن قيس للرجل الذي لم يفسح له بين فلانة كما مر في الآية ١١، قال صلّى اللّه عليه وسلم أنظر في وجوه القوم فنظر فقال ما رأيت يا ثابت ؟ قال رأيت أبيض وأحمر وأسود، قال فإنك لا تفضلهم إلا بالدين والتقوى فنزلت هذه الآية.