وقال القرطبى :
﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (٤) ﴾
قال مجاهد وغيره : نزلت في أعراب بني تميم ؛ قدم الوفد منهم على النبيّ ﷺ، فدخلوا المسجد ونادَوُا النبيّ ﷺ من وراء حجرته أن اخرج إلينا، فإن مَدْحَنَا زَيْنٌ وَذَمّنَا شَيْنٌ.
وكانوا سبعين رجلاً قدّموا الفداءَ ذَرارِيَ لهم ؛ وكان النبيّ ﷺ نام للقائلة.
" وروي أن الذي نادى الأقرع بن حابس، وأنه القائل : إن مَدْحِيَ زَيْنٌ وإنّ ذَمِّيَ شَيْن ؛ فقال النبيّ ﷺ :"ذاك الله" " ذكره الترمذي عن البَرَاء بن عازب أيضاً.
وروى زيد بن أرقم فقال : أتى أناس النبي ﷺ فقال بعضهم لبعض : انطلقوا بنا إلى هذا الرجل، فإن يكن نبيّاً فنحن أسعد الناس باتباعه، وإن يكن مَلِكاً نَعِشْ في جنابه.
فأتُوا النبي ﷺ فجعلوا ينادونه وهو في حجرته : يا محمد، يا محمد ؛ فأنزل الله تعالى هذه الآية.
قيل : إنهم كانوا من بني تميم.
قال مقاتل كانوا تسعة عشر : قيس بن عاصم، والزِّبْرِقَان بن بَدْر، والأَقْرَع بن حابس، وسُويد بن هاشم، وخالد بن مالك، وعطاء بن حابس، والقَعْقاع بن مَعْبَد، ووَكِيع بن وكيع، وعُيَيْنَة بن حِصْن وهو الأحمق المطاع، وكان من الجرّارين يجر عشرة آلاف قناة، أي يتبعه، وكان اسمه حذيفة وسمي عُيْيَنة لِشَترٍ كان في عينيه ذكر عبد الرزاق في عُيينة هذا : أنه الذي نزل فيه ﴿ وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا ﴾ [ الكهف : ٨ ٢ ].
وقد مضى في آخر "الأعراف" من قوله لعمر رضي الله عنه ما فيه كفاية ؛ ذكره البخاري.
وروي أنهم وَفَدوا وقت الظَّهِيرة ورسول الله ﷺ راقد ؛ فجعلوا ينادونه : يا محمد يا محمد، اخرج إلينا ؛ فاستيقظ وخرج، ونزلت.