وسبب ذلك ما رواه سعيد عن قتادة : أن النبيّ ﷺ بعث الوليد بن عُقبة مُصَدِّقاً إلى بني المُصْطَلِق ؛ فلما أبصروه أقبلوا نحوه فهابهم في رواية : لإحْنَة كانت بينه وبينهم ؛ فرجع إلى النبيّ ﷺ فأخبره أنهم قد ارتدّوا عن الإسلام.
فبعث نبي الله ﷺ خالدَ بن الوليد وأمره أن يتثبّت ولا يَعْجَل ؛ فانطلق خالد حتى أتاهم ليلاً ؛ فبعث عُيُونَه فلما جاءوا أخبروا خالداً أنهم متمسكون بالإسلام، وسمعوا أذانهم وصلاتهم ؛ فلما أصبحوا أتاهم خالد ورأى صحة ما ذكروه ؛ فعاد إلى نبيّ الله ﷺ فأخبره، فنزلت هذه الآية ؛ فكان يقول نبي الله ﷺ :" التأنِّي من الله والعجلة من الشيطان " وفي رواية : أن النبي ﷺ بعثه إلى بني المُصْطَلِق بعد إسلامهم ؛ فلما سمعوا به ركبوا إليه، فلما سمع بهم خافهم ؛ فرجع إلى رسول الله ﷺ فأخبره أن القوم قد همّوا بقتله، ومنعوا صدقاتهم.
فهمّ رسول الله ﷺ بغزوِهم، فبينما هم كذلك إذ قدم وفدهم على رسول الله ﷺ فقالوا : يا رسول الله، سمعنا برسولك فخرجنا إليه لنكرمه، ونؤدي إليه ما قِبَلَنَا من الصدقة، فاستمر راجعاً، وبلغنا أنه يزعم لرسول الله أنا خرجنا لنقاتله، واللّهِ ما خرجنا لذلك، فأنزل الله تعالى هذه الآية ؛ وسُمِّيَ الوليدُ فاسقاً أي كاذباً.
قال ابن زيد ومقاتل وسهل بن عبد الله : الفاسق الكذاب.
وقال أبو الحسن الوراق : هو المعلن بالذنب.
وقال ابن طاهر : الذي لا يستحي من الله.
وقرأ حمزة والكسائي "فتثبتوا" من التثبت.
الباقون "فَتَبَيَّنُوا" من التبيين ﴿ أَن تُصِيببُواْ ﴾ أي لئلا تصيبوا، ف "أن" في محل نصب بإسقاط الخافض.
﴿ قَوْمَا بِجَهَالَةٍ ﴾ أي بخطأ.
﴿ فَتُصْبِحُواْ على مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ﴾ على العجلة وترك التأنّي.


الصفحة التالية
Icon