والظاهر أن قوله :﴿ واعلموا أن فيكم رسول الله ﴾ كلام تام، أمرهم بأن يعلموا أن الذي هو بين ظهرانيكم هو رسول الله ( ﷺ )، فلا تخبروه بما لا يصح، فإنه رسول الله يطلعه على ذلك.
ثم أخبر تعالى أن رسوله ( ﷺ ) لو أطاعكم في كثير من الأمر الذي يؤدي إليه اجتهادكم وتقدمكم بين يديه ﴿ لعنتم ﴾ : أي لشق عليكم.
وقال مقاتل : لأتمتم.
وقال الزمخشري : والجملة المصدرة بلو لا تكون كلاماً مستأنفاً لأدائه إلى تنافر النظم، ولكن متصلاً بما قبله حالاً من أحد الضميرين في فيكم المستتر المرفوع، أو البارز المجرور، وكلاهما مذهب سديد، والمعنى : أن فيكم رسول الله، وأنتم على حالة يجب عليكم تغييرها، وهو أنكم تحاولون منه أن يعمل في الحوادث على مقتضى ما يعن لكم من رأي واستصواب فعل المطواع لغيره، والتابع له فيما يرتئيه المحتذي على أمثلته، ولو فعل ذلك ﴿ لعنتم ﴾ : أي لوقعتم في الجهد والهلاك.
وهذا يدل على أن بعض المؤمنين زينوا لرسول الله ( ﷺ ) الإيقاع ببني المصطلق، وتصديق قول الوليد، وأن نظائر ذلك من الهنات كانت تفرط منهم، وأن بعضهم كانوا يتصونون، ويزعهم جدهم في التقوى عن الجسارة على ذلك، وهم الذين استثناهم بقوله :﴿ ولكن الله حبب أليكم الإيمان ﴾ : أي إلى بعضكم، ولكنه أغنت عن ذكر البعض صفتهم المفارقة لصفة غيرهم، وهذا من إيجازات القرآن ولمحاته اللطيفة التي لا يفطن إليها إلا الخواص.
وعن بعض المفسرين : هم الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى.
انتهى، وفيه تكثير.
ولا بعد أن تكون الجملة المصدرة بلو مستأنفة لا حالاً، فلا تعلق لها بما قبلها من جهة الإعراب.
وتقديم خبر أن على اسمها قصد إلى توبيخ بعض المؤمنين على ما استهجن من استتباعهم رأي الرسول ( ﷺ ) لآرائهم، فوجب تقديمه لانصباب الغرض إليه.