وقال القرطبى :
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ ﴾
فيه ثلاث مسائل :
الأولى قوله تعالى :﴿ يا أيها الذين آمَنُواْ لاَ تُقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَيِ الله وَرَسُولِهِ ﴾ قال العلماء : كان في العرب جَفاءٌ وسوءُ أدب في خطاب النبيّ ﷺ وتلقيب الناس.
فالسورة في الأمر بمكارم الأخلاق ورعاية الآداب.
وقرأ الضحاك ويعقوب الحضرميّ :"لاَ تَقَدَّمُوا" بفتح التاء والدال من التقدّم.
الباقون "تُقَدِّمُوا" بضم التاء وكسر الدال من التقديم ؛ ومعناهما ظاهر.
أي لا تقدموا قولاً ولا فعلاً بين يدي الله وقول رسوله وفعله فيما سبيلُه أن تأخذوه عنه من أمر الدين والدنيا.
ومن قدّم قولَه أو فعله على الرسول ﷺ فقد قدّمه على الله تعالى ؛ لأن الرسول ﷺ إنما يأمر عن أمر الله عز وجل.
الثانية واختلف في سبب نزولها على أقوال ستة :
الأول ما ذكره الواحديّ من حديث ابن جريج قال : حدّثني ابن أبي مُليكة أن عبد الله بن الزبير أخبره : أنه قدم ركب من بني تميم على رسول الله ﷺ، فقال أبو بكر : أمِّر القَعْقاع بن مَعْبد.
وقال عمر : أمِّر الأقرع بن حابس.
فقال أبو بكر : ما أردت إلا خلافي.
وقال عمر : ما أردتُ خلافك.
فتماديا حتى ارتفعت أصواتهما ؛ فنزل في ذلك :﴿ يا أيها الذين آمَنُواْ لاَ تُقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَيِ الله وَرَسُولِهِ إلى قوله وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُواْ حتى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ ﴾.
رواه البخاري عن الحسن بن محمد بن الصباح ؛ ذكره المهدَوِيّ أيضاً.
الثاني ما روي أن النبيّ ﷺ أراد أن يستخلف على المدينة رجلاً إذا مضى إلى خَيْبَر ؛ فأشار عليه عمر برجل آخر ؛ فنزل :﴿ يا أيها الذين آمَنُواْ لاَ تُقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَيِ الله وَرَسُولِهِ ﴾.
ذكره المَهْدَوِيّ أيضاً.