هذه السورة فيها إرشاد المؤمنين إلى مكارم الأخلاق، وهي إما مع الله تعالى أو مع الرسول ﷺ أو مع غيرهم من أبناء الجنس، وهم على صنفين، لأنهم إما أن يكونوا على طريقة المؤمنين وداخلين في رتبة الطاعة أو خارجاً عنها وهو الفاسق والداخل في طائفتهم السالك لطريقتهم إما أن يكون حاضراً عندهم أو غائباً عنهم فهذه خمسة أقسام أحدها : يتعلق بجانب الله وثانيها : بجانب الرسول وثالثها : بجانب الفساق ورابعها : بالمؤمن الحاضر وخامسها : بالمؤمن الغائب فذكرهم الله تعالى في هذه السورة خمس مرات ﴿يا أيها الذين آمنوا﴾ وأرشدهم في كل مرة إلى مكرمة مع قسم من الأقسام الخمسة فقال أولاً :﴿يا أيها الذين ءَامَنُواْ لاَ تُقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَىِ الله وَرَسُولِهِ﴾ [ الحجرات : ١ ] وذكر الرسول كان لبيان طاعة الله لأنها لا تعلم إلا بقول رسول الله، وقال ثانياً :﴿يا أيها الذين ءَامَنُواْ لاَ تَرْفَعُواْ أصواتكم فَوْقَ صَوْتِ النبي﴾ [ الحجرات : ٢ ] لبيان وجوب احترم النبي ﷺ وقال ثالثاً :﴿يا أيها الذين ءَامَنُواْ إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ﴾ لبيان وجوب الاحتراز عن الاعتماد على أقوالهم، فإنهم يريدون إلقاء الفتنة بينكم وبين ذلك عند تفسير قوله ﴿وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ المؤمنين اقتتلوا﴾ [ الحجرات : ٩ ] وقال رابعاً :﴿يا أيها الذين ءَامَنُواْ لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مّن قَوْمٍ﴾ [ الحجرات : ١١ ] وقال :﴿وَلاَ تَنَابَزُواْ﴾ [ الحجرات : ١١ ] لبيان وجوب ترك إيذاء المؤمنين في حضورهم والازدراء بحالهم ومنصبهم، وقال خامساً :﴿يا أيها الذين ءَامَنُواْ اجتنبوا كَثِيراً مّنَ الظن إِنَّ بَعْضَ الظن إِثْمٌ﴾ [ الحجرات : ١٢ ] وقال :﴿وَلاَ تَجَسَّسُواْ﴾ [ الحجرات : ١٢ ] وقال :﴿وَلاَ يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً﴾ [ الحجرات : ١٢ ] لبيان وجوب الاحتراز عن إهانة جانب المؤمن حال غيبته، وذكر ما لو كان