وقرأ ابن مسعود :" لتعارفوا بينكم وخيركم عند الله أتقاكم ". وروي أن النبي ﷺ قال :" من سره أن يكون أكرم الناس، فليتق الله ". ثم نبه تعالى على الحذر بقوله :﴿ إن الله عليم خبير ﴾ أي بالمتقي الذي يستحق رتبة الكرم في الإيمان، أي لم تصدقوا بقلوبكم ﴿ ولكن قولوا أسلمنا ﴾. والإسلام يقال بمعنيين، أحدهما : الدين يعم الإيمان والأعمال، وهو الذي في قوله :﴿ إن الدين عند الله الإسلام ﴾ [ آل عمران : ١٩ ] والذي في قوله ﷺ :" بني الإسلام على خمس " والذي في تعليم النبي ﷺ لجبريل حين قال له : ما الإسلام؟ قال : بأن تعبد الله وحده ولا تشرك به شيئاً، وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان، والذي في قوله لسعد بن أبي وقاص :" أو مسلماً، إني لأعطي الرجل وغيره أحب إليَّ منه " الحديث، فهذا الإسلام ليس هو في قوله :﴿ ولكن قولوا أسلمنا ﴾ والمعنى الثاني للفظ الإسلام : هو الاستسلام والإظهار الذي يستعصم به ويحقن الدم، وهذا هو الإسلام في قوله :﴿ ولكن قولوا أسلمنا ﴾، و﴿ الإيمان ﴾ الذي هو التصديق أخص من الأول وأعم بوجه، ثم صرح لهم بأن ﴿ الإيمان ﴾ لم يدخل قلوبهم ثم فتح لهم باب التوبة بقوله :﴿ وإن تطيعوا الله ﴾ الآية، وطاعة الله ورسوله في ضمنها الإيمان والأعمال.
وقرأ جمهور القراء :" لا يلتكم " من لات يليت إذا نقص، يقال : لاته حقه إذا نقصه منه، ولت السلطان إذا لم يصدقه فيما سأل عنه. وقرأ أبو عمرو والأعرج والحسن وعمرو :" لا يألتكم " من ألت يألت وهو بمعنى : لات، وكذلك يقال : ألتِ بكسر اللام يألت، ويقال أيضاً في معنى لات، ألت يولت ولم يقرأ بهذه اللغة وباقي الآية ترجية. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٥ صـ ﴾