وقال القرطبى :
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ﴾
فيه عشر مسائل :
الأولى قوله تعالى :﴿ يا أيها الذين آمَنُواْ اجتنبوا كَثِيراً مِّنَ الظن ﴾ قيل : إنها : نزلت في رجلين من أصحاب النبيّ ﷺ اغتابا رفيقهما.
وذلك " أن النبيّ ﷺ كان إذا سافر ضمّ الرجلَ المحتاج إلى الرجلين الموسِرَيْن فيخدمهما.
فضمّ سلمان إلى رجلين، فتقدم سلمان إلى المنزل فغلبته عيناه فنام ولم يهيىء لهما شيئاً، فجاءا فلم يجدا طعاماً وإداماً، فقالا له : انطلق فاطلب لنا من النبيّ ﷺ طعاماً وإداماً ؛ فذهب فقال له النبيّ ﷺ :"اذهب إلى أسامة بن زيد فقل له إن كان عندك فضل من طعام فليعطك" وكان أسامة خازن النبيّ ﷺ، فذهب إليه، فقال أسامة : ما عندي شيء ؛ فرجع إليهما فأخبرهما ؛ فقالا : قد كان عنده ولكنه بخل.
ثم بعثا سلمان إلى طائفة من الصحابة فلم يجد عندهم شيئاً ؛ فقالا : لو بعثنا سلمان إلى بئر سُمَيحة لغار ماؤها.
ثم انطلقا يتجسسان هل عند أسامة شيء ؛ فرآهما النبيّ ﷺ فقال :"ما لي أرى خضرة اللحم في أفواهكما" فقالا : يا نبي الله، والله ما أكلنا في يومنا هذا لحماً ولا غيره.
فقال :"ولكنكما ظلتما تأكلان لحم سلمان وأسامة" " فنزلت :﴿ يا أيها الذين آمَنُواْ اجتنبوا كَثِيراً مِّنَ الظن إِنَّ بَعْضَ الظن إِثْمٌ ﴾ ذكره الثعلبيّ.
أي لا تظنوا بأهل الخير سواء إن كنتم تعلمون من ظاهر أمرهم الخير.
الثانية ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة أن النبيّ ﷺ قال :" إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ولا تحسسوا ولا تجسسوا ولا تَناجشوا ولا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخواناً " لفظ البخاري.
قال علماؤنا : فالظن هنا وفي الآية هو التُّهمَة.


الصفحة التالية
Icon