ثم قال الرجل : ما بهذا أمِرْنا يا أمير المؤمنين! قال الله تعالى :"وَلاَ تَجَسَّسُوا".
قال صدقت.
قلت : لا يفهم من هذا الخبر أن المرأة كانت غير زوجة الرجل ؛ لأن عمر لا يقرّ على الزنى، وإنما غنّت بتلك الأبيات تذكاراً لزوجها، وأنها قالتها في مَغِيبه عنها.
والله أعلم.
وقال عمرو بن دينار : كان رجل من أهل المدينة له أخت فاشتكت، فكان يعودها فماتت فدفنها.
فكان هو الذي نزل في قبرها، فسقط من كمه كيس فيه دنانير، فاستعان ببعض أهله فنبشوا قبرها فأخذ الكيس ثم قال : لأكشفنّ حتى أنظر ما آل حال أختي إليه ؛ فكشف عنها فإذا القبر مشتعل ناراً، فجاء إلى أمه فقال : أخبريني ما كان عمل أختي؟ فقالت : قد ماتت أختك فما سؤالك عن عملها فلم يزل بها حتى قالت له : كان من عملها أنها كانت تؤخر الصلاة عن مواقيتها، وكانت إذا نام الجيران قامت إلى بيوتهم فألقمت أذنها أبوابهم، فتتجسس عليهم وتُخرج أسرارهم ؛ فقال : بهذا هلكت!
الخامسة قوله تعالى :﴿ وَلاَ يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً ﴾ نهى عز وجل عن الغِيبة، وهي أن تذكر الرجل بما فيه، فإن ذكرته بما ليس فيه فهو البهتان.
ثبت معناه في صحيح مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال :" "أتدرون ما الغِيبة"؟ قالوا : الله ورسوله أعلم.
قال :"ذكرك أخاك بما يكره" قيل : أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال :"إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه فقد بَهَتّه" " يقال : اغتابه اغتيابا إذا وقع فيه ؛ والاسم الغِيبة، وهي ذكر العَيْب بظهر الغَيْب.
قال الحسن : الغِيبة ثلاثة أوجه كلها في كتاب الله تعالى : الغِيبة والإفك والبهتان.
فأما الغِيبة فهو أن تقول في أخيك ما هو فيه.
وأما الإفك فأن تقول فيه ما بلغك عنه.
وأما البهتان فأن تقول فيه ما ليس فيه.
وعن شعبة قال : قال لي معاوية يعني ابن قُرّة : لو مَرّ بك رجل أقطع ؛ فقلت هذا أقطع كان غِيبة.


الصفحة التالية
Icon