وبأن المرأة تُمْني كما يُمْنِي الرجل، وعن ذلك يكون الشبه ؛ حسب ما تقدّم بيانه في آخر الشورى".
وقد قال في قصة نوح :﴿ فَالْتَقَى المآء على أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ ﴾ [ القمر : ٢ ١ ] وإنما أراد ماء السماء وماء الأرض ؛ لأن الالتقاء لا يكون إلا من اثنين، فلا ينكر أن يكون "ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلاَلَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ".
وقوله تعالى :﴿ أَلَمْ نَخْلُقكُّم مِّن مَّآءٍ مَّهِينٍ ﴾ ويريد ماءين.
والله أعلم.
الخامسة قوله تعالى :﴿ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَآئِلَ لتعارفوا ﴾ الشعوب رؤوس القبائل ؛ مثل ربيعة ومُضَر والأوْس والخَزْرَج ؛ واحدها "شَعْب" بفتح الشين ؛ سُمُّوا به لتشعّبهم واجتماعهم كشعب أغصان الشجرة.
والشَّعْب من الأضداد ؛ يقال شعبته إذا جمعته ؛ ومنه المِشْعَب ( بكسر الميم ) وهو الإشْفَى ؛ لأنه يجمع به ويشعب.
قال :
فَكَابٍ على حُرّ الجبين ومُتّقٍ...
بمَدْرِيَةٍ كأنه ذَلْقُ مِشْعَبِ
وشَعَبته إذا فرّقته، ومنه سُميت المنية شُعوباً لأنها مفرّقة.
فأما الشِّعب ( بالكسر ) فهو الطريق في الجبل ؛ والجمع الشعاب.
قال الجوهري : الشِّعب : ما تشعب من قبائل العرب والعجم ؛ والجمع الشعوب.
والشُّعُوبية : فرقة لا تفضّل العرب على العجم.
وأما الذي في الحديث : أن رجلاً من الشعوب أسلم ؛ فإنه يعني من العجم.
والشَّعْب : القبيلة العظيمة، وهو أبو القبائل الذي ينسبون إليه، أي يجمعهم ويضمهم.
قال ابن عباس : الشعوب الجمهور ؛ مثل مضر.
والقبائل الأفخاذ.
وقال مجاهد : الشعوب البعيد من النسب ؛ والقبائل دون ذلك.
وعنه أيضاً أن الشعوب النسب الأقرب.
وقاله قتادة.
ذكر الأوّل عنه المهدوِيّ، والثاني الماوردي.
قال الشاعر :
رأيت سعوداً من شعوب كثيرة...
فلم أرَ سعداً مثل سعدِ بن مالك
وقال آخر :
قبائل من شعوب ليس فيهم...
كريم قد يُعدّ ولا نجيب


الصفحة التالية
Icon