قال تعالى :﴿وَلاَ تَنَابَزُواْ﴾ ولم يقل لا تنبزوا، وذلك لأن اللماز إذا لمز فالملموز قد لا يجد فيه في الحال عيباً يلمزه به، وإنما يبحث ويتبعه ليطلع منه على عيب فيوجد اللمز من جانب، وأما النبز فلا يعجز كل واحد عن الإتيان به، فإن من نبز غيره بالحمار وهو ينبزه بالثور وغيره، فالظاهر أن النبز يفضي في الحال إلى التنابز ولا كذلك اللمز.
وقوله تعالى :﴿بِئْسَ الاسم الفسوق بَعْدَ الإيمان ﴾.
قيل فيه إن المراد ﴿بِئْسَ﴾ أن يقول للمسلم يا يهودي بعد الإيمان أي بعد ما آمن فبئس تسميته بالكافر، ويحتمل وجهاً أحسن من هذا : وهو أن يقال هذا تمام للزجر، كأنه تعالى قال : يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم ولا تلمزوا ولا تنابزوا فإنه إن فعل يفسق بعد ما آمن، والمؤمن يقبح منه أن يأتي بعد إيمانه بفسوق فيكون قوله تعالى :﴿الذين ءامَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إيمانهم بِظُلْمٍ﴾ [ الأنعام : ٨٢ ] ويصير التقدير بئس الفسوق بعد الإيمان، وبئس أن تسموا بالفاسق بسبب هذه الأفعال بعد ما سميتموهم مؤمنين.


الصفحة التالية
Icon