قال تعالى :﴿وَمَن لَّمْ يَتُبْ فأولئك هُمُ الظالمون﴾ وهذا يحتمل وجهين أحدهما : أن يقال هذه الأشياء من الصغائر فمن يصر عليه يصير ظالماً فاسقاً وبالمرة الواحدة لا يتصف بالظلم والفسق فقال ومن لم يترك ذلك ويجعله عادة فهو ظالم وثانيهما : أن يقال قوله تعالى :﴿لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ﴾ ﴿وَلاَ تَلْمِزُواْ﴾ ﴿وَلاَ تَنَابَزُواْ﴾ منع لهم عن ذلك في المستقبل، وقوله تعالى :﴿وَمَن لَّمْ يَتُبْ﴾ أمرهم بالتوبة عما مضى وإظهار الندم عليها مبالغة في التحذير وتشديداً في الزجر، والأصل في قوله تعالى :﴿وَلاَ تَنَابَزُواْ﴾ لا تتنابزوا أسقطت إحدى التاءين، كما أسقط في الاستفهام إحدى الهمزتين فقال :﴿سَوَاء عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُم﴾ [ البقرة : ٦ ] والحذف ههنا أولى لأن تاء الخطاب وتاء الفاعل حرفان من جنس واحد في كلمة وهمزة الاستفهام كلمة برأسها وهمزة أنذرتهم أخرى واحتمال حرفين في كلمتين أسهل من احتماله في كلمة، ولهذا وجب الإدغام في قولنا : مد، ولم يجب في قولنا امدد، و ( في ) قولنا : مر، ( دون ) قوله : أمر ربنا. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٢٨ صـ ١١٢ ـ ١١٥﴾


الصفحة التالية
Icon