وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ يا أيها الذين آمَنُواْ لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عسى أَن يَكُونُواْ خَيْراً مِّنْهُمْ وَلاَ نِسَآءٌ مِّن نِّسَآءٍ عسى أَن يَكُنَّ خَيْراً مِّنْهُنَّ ﴾
فيه أربع مسائل :
الأولى قوله تعالى :﴿ يا أيها الذين آمَنُواْ لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عسى أَن يَكُونُواْ خَيْراً مِّنْهُمْ ﴾ قيل عند الله.
وقيل "خَيْراً مِنْهُمْ" أي معتقَداً وأسلم باطناً.
والسُّخْرِية الاْستهزاء.
سَخِرت منه أسْخَر سَخَراً بالتحريك ومَسْخَراً وسُخْراً بالضم.
وحكى أبو زيد سَخِرت به ؛ وهو أردأ اللغتين.
وقال الأخفش : سَخِرْت منه وسَخِرت به، وضَحِكت منه وضَحكت به، وهَزِئت منه وهزِئت به ؛ كلٌّ يقال.
والاْسم السُّخْرِية والسُّخْرِي ؛ وقرىء بهما قوله تعالى :﴿ لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضاً سُخْرِيّاً ﴾ [ الزخرف : ٢ ٣ ] وقد تقدّم.
وفلان سُخْرَة ؛ يُتَسَخَّر في العمل.
يقال : خادم سُخْرة.
ورجل سُخْرة أيضاً يُسخر منه.
وسُخَرة ( بفتح الخاء ) يسخر من الناس.
الثانية واختلف في سبب نزولها ؛ فقال ابن عباس : نزلت في ثابت بن قيس بن شماس كان في أذنه وَقْر ؛ فإذا سبقوه إلى مجلس النبيّ ﷺ أوسعوا له إذا أتى حتى يجلس إلى جنبه ليسمع ما يقول ؛ فأقبل ذات يوم وقد فاتته من صلاة الفجر ركعة مع النبيّ ﷺ، فلما انصرف النبيّ ﷺ أخذ أصحابه مجالسهم منه ؛ فَرَبَض كل رجل منهم بمجلسه، وعَضُّوا فيه فلا يكاد يوسع أحد لأحد حتى يَظَل الرجل لا يجد مجلساً فيظل قائماً ؛ فلما انصرف ثابت من الصلاة تخطى رقاب الناس ويقول : تفسّحوا تفسّحوا ؛ ففسحوا له حتى انتهى إلى النبيّ ﷺ وبينه وبينه رجل فقال له : تفسح.


الصفحة التالية
Icon