اللطيفة الثانية : قال :﴿قُل لاَّ تَمُنُّواْ عَلَيَّ إسلامكم﴾ أي الذي عندكم إسلام، ولهذا قال تعالى :﴿ولكن قُولُواْ أَسْلَمْنَا﴾ ولم يقل : لم تؤمنوا ولكن أسلمتم لئلا يكون تصديقاً لهم في الإسلام أيضاً كما لم يصدقوا في الإيمان، فإن قيل لم لم يجز أن يصدقوا في إسلامهم، والإسلام هو الانقياد، وقد وجد منهم قولاً وفعلاً وإن لم يوجد اعتقاداً وعلماً وذلك القدر كاف في صدقهم ؟ نقول التكذيب يقع على وجهين أحدهما : أن لا يوجد نفس المخبر عنه وثانيهما : أن لا يوجد كما أخبر في نفسه فقد يقول ما جئتنا بل جاءت بك الحاجة، فالله تعالى كذبهم في قولهم آمنا على الوجه الأول، أي ما آمنتم أصلاً ولم يصدقوا في الإسلام على الوجه الثاني فإنهم انقادوا للحاجة وأخذ الصدقة.
اللطيفة الثالثة : قال :﴿بَلِ الله يَمُنُّ عَلَيْكُمْ﴾ يعني لا منة لكم ومع ذلك لا تسلمون رأساً برأس بحيث لا يكون لكم علينا ولا لنا عليكم منة، بل المنة عليكم، وقوله تعالى :﴿بَلِ الله يَمُنُّ عَلَيْكُمْ﴾ حسن أدب حيث لم يقل لا تمنوا علي بل لي المنة عليكم حيث بينت لكم الطريق المستقيم، ثم في مقابلة هذا الأدب قال الله تعالى :﴿وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إلى صراط مُّسْتَقِيمٍ﴾ [ الشورى : ٥٢ ].