وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ إِنَّمَا المؤمنون الذين آمَنُواْ بالله وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُواْ ﴾
أي صدّقوا ولم يشكّوا وحققوا ذلك بالجهاد والأعمال الصالحة.
﴿ أولئك هُمُ الصادقون ﴾ في إيمانهم ؛ لا من أسلم خوف القتل ورجاء الكسب.
فلما نزلت حلف الأعراب أنهم مؤمنون في السر والعلانية وكذبوا ؛ فنزلت.
﴿ قُلْ أَتُعَلِّمُونَ الله بِدِينِكُمْ ﴾ الذي أنتم عليه.
﴿ والله يَعْلَمُ مَا فِي السماوات وَمَا فِي الأرض والله بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾.
قوله تعالى :﴿ يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُواْ ﴾
إشارة إلى قولهم : جئناك بالأثقال والعيال.
و"أن" في موضع نصب على تقدير لأن أسلموا.
﴿ قُل لاَّ تَمُنُّواْ عَلَيَّ إِسْلاَمَكُمْ ﴾ أي بإسلامكم.
﴿ بَلِ الله يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلإِيمَانِ ﴾ "أن" موضع نصب، تقديره بأن.
وقيل : لأن.
وفي مصحف عبد الله "إِذْ هَدَاكُمْ".
﴿ إِنُ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ أنكم مؤمنون.
وقرأ عاصم "إِنْ هَدَاكُمْ" بالكسر ؛ وفيه بُعد ؛ لقوله :﴿ إِنُ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾.
ولا يقال يَمُنّ عليكم أن يهديكم إن صدقتم.
والقراءة الظاهرة "أنْ هَدَاكُمْ".
وهذا لا يدل على أنهم كانوا مؤمنين، لأن تقدير الكلام : إن آمنتم فذلك مِنّة الله عليكم.
﴿ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السماوات والأرض والله بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ قرأ ابن كثير وابن مُحَيْصن وأبو عمرو بالياء على الخبر، ردًّا على قوله :﴿ قَالَتِ الأعراب ﴾.
الباقون بالتاء على الخطاب. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ١٦ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon