وقرأ الجمهور :﴿ لتعارفوا ﴾، مضارع تعارف، محذوف التاء ؛ والأعمش : بتاءين ؛ ومجاهد، وابن كثير في رواية، وابن محيصن : بإدغام التاء في التاء ؛ وابن عباس، وأبان عن عاصم : لتعرفوا، مضارع عرف ؛ والمعنى : أنكم جعلكم الله تعالى ما ذكر، كي يعرف بعضكم بعضاً في النسب، فلا ينتمي إلى غير آبائه، لا التفاخر بالآباء والأجداد، ودعوى التفاضل، وهي التقوى.
وفي خطبته عليه الصلاة والسلام يوم فتح مكة :" إنما الناس رجلان، مؤمن تقي كريم على الله، وفاجر شقي هين على الله "، ثم قرأ الآية.
وعنه ( ﷺ ) :" من سره أن يكون أكرم الناس فليتق الله " وما زال التفاخر بالأنساب في الجاهلية والإسلام، وبالبلاد، وبالبلاد وبالمذاهب وبالعلوم وبالصنائع، وأكثره بالأنساب :
وأعجب شيء إلى عاقل...
فروع عن المجد مستأخره
إذا سئلوا ما لهم من علا...
أشاروا إلى أعظم ناخره
ومن ذلك : افتخار أولاد مشايخ الزوايا الصوفية بآبائهم، واحترام الناس لهم بذلك وتعظيمهم لهم، وإن كان الأولاد بخلاف الآباء في الدين والصلاح.
وقرأ الجمهور : إن، بكسر الهمزة ؛ وابن عباس : بفتحها، وكان قرأ : لتعرفوا، مضارع عرف، فاحتمل أن تكون أن معمولة لتعرفوا، وتكون اللام في لتعرفوا لام الأمر، وهو أجود من حيث المعنى.
وأما إن كانت لام كي، فلا يظهر المعنى أن جعلهم شعوباً وقبائل لأن تعرفوا أن الأكرم هو الأتقى.
فإن جعلت مفعول لتعرفوا محذوفاً، أي لتعرفوا الحق، لأن أكرمكم عند الله أتقاكم، ساغ في لام لتعارفوا أن تكون لام كي.
﴿ قالت الأعراب آمنا ﴾، قال مجاهد : نزلت في بني أسد بن خزيمة، قبيلة تجاور المدينة، أظهروا الإسلام وقلوبهم دخلة، إنما يحبون المغانم وعرض الدنيا.


الصفحة التالية
Icon