انتهى، ولا أدري من أي وجه يكون ما نفي بلما يقع بعد ولما، إنما تنفي ما كان متصلاً بزمان الإخبار، ولا تدل على ما ذكر، وهي جواب لقد فعل، وهب أن قد تدل على توقع الفعل.
فإذا نفي ما دل على التوقع، فكيف يتوهم أنه يقع بعد :﴿ وإن تطيعوا الله ورسوله ﴾ بالإيمان والأعمال؟ وهذا فتح لباب التوبة.
وقرأ الجمهور :﴿ لا يلتكم ﴾، من لات يليت، وهي لغة الحجاز.
والحسن والأعرج وأبو عمرو : ولا يألتكم، من ألت، وهي لغة غطفان وأسد.
﴿ ثم لم يرتابوا ﴾، ثم تقتضي التراخي، وانتفاء الريبة يجب أن يقارن الإيمان، فقيل : من ترتيب الكلام لا من ترتيب الزمان، أي ثم أقول لم يرتابوا.
وقيل : قد يخلص الإيمان، ثم يعترضه ما يثلم إخلاصه، فنفي ذلك، فحصل التراخي، أو أريد انتفاء الريبة في الأزمان المتراخية المتطاولة، فحاله في ذلك كحاله في الزمان الأول الذي آمن فيه.
﴿ أولئك هم الصادقون ﴾ : أي في قولهم آمنا، حيث طابقت ألسنتهم عقائدهم، وظهرت ثمرة ذلك عليهم بالجهاد بالنفس والمال.
وفي سبيل الله يشمل جميع الطاعات البدنية والمالية، وليسوا كأعراب بني أسد في قولهم آمنا، وهم كاذبون في ذلك.
﴿ قل أتعلمون الله بدينكم ﴾، هي منقولة من : علمت به، أي شعرت به، ولذلك تعدّت إلى واحد بنفسها وإلى الآخر بحرف الجر لما ثقلت بالتضعيف، وفي ذلك تجهيل لهم، حيث ظنوا أن ذلك يخفى على الله تعالى.
ثم ذكر إحاطة علمه بما في السموات والأرض.
ويقال : منّ عليهم بيد أسداها إليه، أي أنعم عليه.
المنة : النعمة التي لا يطلب لها ثواب، ثم يقال : منّ عليه صنعه، إذا اعتده عليه منة وإنعاماً، أي يعتدون عليك أن أسلموا، فإن أسلموا في موضع المفعول، ولذلك تعدى إليه في قوله :﴿ قل لا تمنوا عليّ إسلامكم ﴾.
ويجوز أن يكون أسلموا مفعولاً من أجله، أي يتفضلون عليك بإسلامهم.