أي اتخبرونه سبحانه وتعالى بذلك بقولكم ﴿ آمنا ﴾ [ الحجرات : ١٤ ] فتعلمون من علمت به فلذا تعدى بالتضعيف لواحد بنفسه وإلى الثاني بحرف الجر، وقيل : إنه تعدى به لتضمين معنى الإحاطة أو الشعور فيفيد مبالغة من حيث إنه جار مجرى المحسوس وقوله تعالى :﴿ والله يَعْلَمُ مَا فِى السموات وَمَا فِي الأرض ﴾ حال من مفعول ﴿ تَعْلَمُونَ ﴾ وفيه من تجهيلهم ما لا يخفى، وقوله سبحانه :﴿ والله بِكُلّ شَيْء عَلِيمٌ ﴾ تذييل مقرر لما قبله أي مبالغ في العلم بجميع الأشياء التي من جملتها ما أخفوه من الكفر عند إظهارهم الإيمان.
﴿ يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُواْ ﴾
أي يعتدون إسلامهم منة عليك وهي النعمة التي لا يطلب موليها ثواباً ممن أنعم بها عليه من المن بمعنى القطع لأن المقصود بها قطع حاجته، وقال الراغب : هي النعمة الثقيلة من المن الذي يوزن به وثقلها عظمها أو المشقة في تحملها، ﴿ وَأَنْ أَسْلَمُواْ ﴾ في موضع المفعول ليمنون لتضمينه معنى الاعتداد أو هو بتقدير حرف الجر فيكون المصدر منصوباً بنزع الخافض أو مجروراً بالحرف المقدر أي يمنون عليك بإسلامهم، ويقال نحو ذلك في قوله تعالى :﴿ قُل لاَّ تَمُنُّواْ عَلَىَّ إسلامكم ﴾ فهو إما على معنى لا تعتدوا إسلامكم منة علي أو لا تمنوا علي بإسلامكم، وجوز أبو حيان أن يكون ﴿ أَنْ أَسْلَمُواْ ﴾ مفعولاً من أجله أي يتفضلون عليك لأجل إسلامهم ﴿ بَلِ الله يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ يُنَادِى للإيمان ﴾ أي ما زعمتم في قولكم ﴿ آمنا ﴾ [ الحجرات : ١٤ ] فلا ينافى هذا قوله تعالى :﴿ قُل لَّمْ تُؤْمِنُواْ ﴾ [ الحجرات : ١٤ ] أو الهداية مطلق الدلالة فلا يلزم إيمانهم وينافي نفي الإيمان السابق.
وقرأ عبد الله.


الصفحة التالية
Icon