وزيد بن علي ﴿ إِذْ هَداكُمْ ﴾ بإذ التعليلية، وقرىء ﴿ أَنْ هَداكُمْ ﴾ بإن الشرطية ﴿ إِن كُنتُمْ صادقين ﴾ أي في ادعاء الإيمان فهو متعلق الصدق لا الهداية فلا تغفل ؛ وجواب الشرط محذوف يدل عليه ما قبله أي فلله المنة عليكم، ولا يخفى ما في سياق الآية من اللطف والرشاقة، وذلك أن الكائن من أولئك الأعراب قد سماه الله تعالى إسلاماً إظهاراً لكذبهم في قولهم : آمنا أي أحدثنا الإيمان في معرض الامتنان ونفى سبحانه أن يكون كما زعموا إيماناً فلما منوا على رسول الله ﷺ ما كان منهم قال سبحانه لرسوله عليه الصلاة والسلام : يعتدون عليك بما ليس جديراً بالاعتداد به من حديثهم الذي حق تسميته أن يقال له إسلام فقل لهم : لا تعتدوا على إسلامكم أي حديثكم المسمى إسلاماً عندي لا إيماناً، ثم قال تعالى : بل الله يعتد عليكم أن أمدكم بتوفيقه حيث هداكم للإيمان على ما زعمتم، وفي قوله تعالى :﴿ إسلامكم ﴾ بالإضافة ما يدل على أن ذلك غير معتد به وأنه شيء يليق بأمثالهم فأنى يخلق بالمنة، وللتنبيه على أن المراد بالإيمان الإيمان المعتد به لم يضفه عز وجل، ونبه سبحانه بقوله جل وعلا :﴿ إِن كُنتُمْ صادقين ﴾ على أن ذلك كذب منهم، واللطف في تقديم التكذيب ثم الجواب عن المن مع رعاية النكت في كل من ذلك، وتمام الحسن في التذييل بقوله تعالى :
﴿ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السموات والأرض ﴾
أي ما غاب فيهما ﴿ والله بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ أي في سركم وعلانيتكم فكيف يخفى عليه سبحانه ما في ضمائركم، وذلك ليدل على كذبهم وعلى اطلاعه عز وجل خواص عباده من نوأتباعه رضي الله تعالى عنهم.
وقرأ ابن كثير.
وأبان، عن عاصم ﴿ يَعْمَلُونَ ﴾ بياء الغيبة والله تعالى أعلم.