وقال القاسمى :

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

سورة الحجرات

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ﴾
قال ابن جرير : أي : يا أيها الذين أقروا بوحدانية الله، ونبوة نبي ﷺ، لا تعجلوا بقضاء أمر في حروبكم أو دينكم، قبل أن يقضي الله لكم فيه ورسوله، فتقضوا بخلاف أمر الله، وأمر رسوله. محكي عن العرب : فلان يقدم بين يدي إمامه، بمعنى يعجل الأمر والنهي دونه. انتهى.
و: ﴿ تُقَدِّمُوا ﴾ إما متعد حذف مفعوله، لأنه أريد به العموم، أو أنه نزل منزلة اللازم لعدم القصد إلى المفعول، كما تقول : فلان يعطي ويمنع، أو هو لازم، فإن قدم، يرد بمعنى تقدم كبيّن، فإنه متعد، ويكون لازماً بمعنى تبين.
وفي هذه الجملة تجوزان :
أحدهما - في بين اليدين، فإن حقيقته ما بين العضوين، فتجوز بهما عن الجهتين المقابلتين لليمين والشمال، قريباً منه بإطلاق اليدين على ما يجاورهما ويحاذيهما. فهو من المجاز المرسل، ثم استعيرت الجملة استعارة تمثيلية للقطع بالحكم بلا اقتداء، ومتابعة لمن يلزم متابعته، تصويراً لهجنته وشناعته، بصورة المحسوس، كتقدم الخادم بين يدي سيده في مسيره، فنقلت العبارة الأولى، بما فيها من المجاز، إلى ما ذكر، على ما عرف أمثاله - هذا محصل ما في " الكشاف " و " شروحه ".


الصفحة التالية
Icon