قال الزجاج : الإسلام : إظهار الخضوع، وقبول ما أتى به النبيّ، وبذلك يحقن الدم، فإن كان مع ذلك الإظهار اعتقاد وتصديق بالقلب، فذلك الإيمان وصاحبه المؤمن.
وقد أخرج هؤلاء من الإيمان بقوله :﴿ وَلَمَّا يَدْخُلِ الإيمان فِى قُلُوبِكُمْ ﴾ أي : لم تصدّقوا، وإنما أسلمتم تعوّذاً من القتل ﴿ وَإِن تُطِيعُواْ الله وَرَسُولَهُ ﴾ طاعة صحيحة صادرة عن نيات خالصة، وقلوب مصدقة غير منافقة ﴿ لاَ يَلِتْكُمْ مّنْ أعمالكم شَيْئاً ﴾ يقال لات يلت : إذا نقص، ولاته يليته ويلوته : إذا نقصه، والمعنى : لا ينقصكم من أعمالكم شيئًا.
قرأ الجمهور :﴿ يلتكم ﴾ من لاته يليته كباع يبيعه.
وقرأ أبو عمرو ( لا يألتكم ) بالهمز من ألته يألته بالفتح في الماضي، والكسر في المضارع، واختار قراءة أبي عمرو، أبو حاتم لقوله :﴿ وَمَا ألتناهم مّنْ عَمَلِهِم مّن شَىْء ﴾ [ الطور : ٢١ ] وعليها قول الشاعر :
أبلغ بني أسد عني مغلغلة... جهر الرسالة لا ألتا ولا كذبا
واختار أبو عبيدة قراءة الجمهور، وعليها قول رؤبة بن العجاج :
وليلة ذات ندى سريت... ولم يلتني عن سراها ليت
وهما لغتان فصيحتان ﴿ إنَّ الله غَفُورٌ ﴾ أي : بليغ المغفرة ؛ لمن فرط منه ذنب ﴿ رَّحِيمٌ ﴾ بليغ الرحمة لهم.


الصفحة التالية
Icon