وكل هذا يرجع إلى استحقار الغير، والضحك عليه، والاستهانة به، والاستصغار له. وعليه نبه قوله تعالى :﴿ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْراً مِّنْهُمْ ﴾. أي : لا تستحقروه استصغاراً، فلعله خير منك. وهذا إنما يحرم في حق من يتأذى به. فأما من جعل نفسه مسخرة، وربما فرح من أن يسخر به، كانت السخرية في حقه من جملة المزح. ومنه ما يذم وما يمدح. وإنما المحرم استصغار يتأذى به المستهزأ به، لما فيه من التحقير والتهاون، وذلك تارة بأن يضحك على كلامه إذا تخبط فيه ولم ينتظم، أو على أفعاله إذا كانت مشوشة، كالضحك على حفظه وعلى صنعته أو على صورته وخلقته، إذا كان قصيراً أو ناقصاً، لعيب من العيوب، فالضحك من جميع ذلك داخل في السخرية المنهي عنها. انتهى.
لطيفة :
قال أبو السعود : القوم مختص بالرجال، لأنهم القُوّام على النساء، والأحسن المهمات، وهو في الأصل إما جمع قائم كصوْم، وزوْر، في جميع صائم، وزائر. أو مصدر نعت به فشاع في الجمع. وأما تعميمه للفريقين في مثل قوم عاد وقوم فرعون، فإما للتغليب، أو لأنهن توابع. واختيار الجمع لغلبة وقوع السخرية في المجامع. والتنكير إما للتعميم أو للقصد إلى نهي بعضهم عن سخرية بعض، لما أنها مما يجري بين بعض وبعض.
﴿ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ ﴾ أي : لا يعيب بعضكم على بعض، ولا يطعن.