وبينا أن العقالاء جميعاً مطبقون على الاعتراف بذلك، وأن من أوضح الأدلة التي بينها القرآن على ذلك اتفاق العقلاء على أن الأنثى من حين نشأتها تجلى بأنواع الزينة من حلي وحلل، وذلك لجبر النقص الجبلي الخلقي الذي هو الأنوثة كما قال الشاعر :
وما الحلي إلا زينة من نقيصة... يتمم من حسن إذا الحسن قصرا
وقد بينا أن الله تعالى أوضح هذا بقوله :﴿ أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الحلية وَهُوَ فِي الخصام غَيْرُ مُبِينٍ ﴾ [ الزخرف : ١٨ ]، فأنكر على الكفار أنهم مع ادعاء الولد له تعالى جعلوا له أنقص الولدين وأضعفهما خلقة وجبلة وهو الأنثى.
ولذلك نشأت في الحلية من صغرها، لتغطية النقص الذي هو الأنوثة وجبره بالزنية، فهو في الخصام غير مبين.
لأن الأنثى لضعفها الخلقي الطبيعي لا تقدر أن تبين في الخصام إبانة الفحول الذكور، إذا اهتضمت وظلمت لضعفها الطبيعي.
وإنكار الله تعالى على الكفار انهم مع ادعائهم له الولد جعلوا له أنقص الولدين وأضعفهما كثير في القرآن كقوله تعالى :﴿ أَصْطَفَى البنات على البنين مَالَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ﴾ [ الصافات : ١٥٣ - ١٥٤ ] وقوله :﴿ أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُم بالبنين واتخذ مِنَ الملائكة إِنَاثاً إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلاً عَظِيماً ﴾
[ الإسراء : ٤٠ ] وقوله تعالى :﴿ لَّوْ أَرَادَ الله أَن يَتَّخِذَ وَلَداً لاصطفى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ ﴾ [ الزمر : ٤ ] والآيات بمثل ذلك كثيرة معلومة.
وأما الذكر فإنه لا ينشأ في الحلية، لأن كمال ذكورته وشرفها وقوتها الطبيعية التي لا يحتاج معه إلى التزين بالحلية التي تحتاج إليه الأنثى، لكماله بذكورته ونقصها بأنوثتها.


الصفحة التالية
Icon