يعني : يجعل ثوابهم في الدنيا أن يخلص قلوبهم للتقوى، وفي الآخرة أجر عظيم.
وقوله عز وجل :﴿ إَنَّ الذين يُنَادُونَكَ مِن وَرَاء الحجرات ﴾ فالحجرات جمع الحجرة.
يقال : حجرة وحجرات، مثل ظلمة وظلمات.
وقرىء في الشاذ : الحجَرات بنصب الجيم.
وقرأه العامة بالضم.
ومعناهما : واحد.
نزلت الآية في شأن نفر من بني تميم، وذلك أن النبي ﷺ بعث أسامة بن زيد، فانتهى إلى قبيلة، وكانت تسمى بني العنبر، فأغار عليهم، وسبى زراريهم، فجاء جماعة منهم ليشتروا أسراهم، أو يفدوهم، فنادوه وكان وقت الظهيرة، وكان النبي ﷺ في الحجرة.
فنادوه من وراء الحجرة، وكان لأزواج النبي ﷺ حجرات.
فلما خرج النبي كلموه في أمر الزراري، فقال لواحد منهم : احكم.
فقال : حكمت أن تخلي نصف الأسارى، وتبيع النصف منا.
ففعل النبي صلى الله عليه وسلم.
فنزلت الآية ﴿ إَنَّ الذين يُنَادُونَكَ مِن وَرَاء الحجرات ﴾ ﴿ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُواْ حتى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ ﴾ لأنهم لو لم ينادوه، لكان يعتقهم كلهم.
وروى معمر عن قتادة أن رجلاً جاء إلى النبي ﷺ، فناداه من وراء الحجرات، فقال : يا محمد إِنَّ مَدْحِي زَيْن، وإِن شَتْمِي شَيْن.
فخرج النبي ﷺ فقال :" وَيْلَكَ ذَلَّكَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ".
فَنَزل ﴿ إَنَّ الذين يُنَادُونَكَ ﴾ الآية.
ثم قال عز وجل :﴿ والله غَفُورٌ ﴾ لمن تاب ﴿ رَّحِيمٌ ﴾ بهم بعد التوبة.
قوله عز وجل :﴿ رَّحِيمٌ يا أيها الذين ءامَنُواْ إِن جَاءكُمْ فَاسِقُ بِنَبَإٍ ﴾ الآية.
نزلت في الوليد بن عقبة بعثه رسول الله ﷺ إلى بني المصطلق ليقبض الصدقات، فخرجوا إليه ليبجلوه، ويعظموه، فخشي منهم، لأنه كان بينه وبينهم عداوة في الجاهلية.


الصفحة التالية
Icon