فرجع إلى النبي ﷺ وقال : خرجوا إِليَّ بأسلحتهم، ومنعوا مني الصدقات وأطرحوني وأرادوا قتلي فهم رسول الله ﷺ أن يبعث لقتالهم، فجاؤوا إلى المدينة، وقالوا : يا رسول الله لما بلغنا قدوم رسولك، خرجنا نبجله، ونعظمه، فانصرف عنا، فاغتم رسول الله ﷺ بما فعل الوليد بن عقبة، فنزل ﴿ رَّحِيمٌ يا أيها الذين ءامَنُواْ إِن جَاءكُمْ فَاسِقُ بِنَبَإٍ ﴾ يعني : بحديث كذب وبخبر كذب ﴿ فَتَبَيَّنُواْ ﴾ يعني : وتعرفوا ولا تعجلوا ﴿ أن ﴾ يعني : كيلا تصيبوا ﴿ تُصِيببُواْ قَوْمَا بِجَهَالَةٍ ﴾ وأنتم لا تعلمون بأمرهم ﴿ فَتُصْبِحُواْ ﴾ يعني : فتصيروا ﴿ على مَا فَعَلْتُمْ نادمين ﴾.
قرأ حمزة، والكسائي : فَتَثَبَّتُوا بالثاء.
وقرأ الباقون :﴿ فَتَبَيَّنُواْ ﴾ مثل ما في سورة النساء.
ثم قال للمؤمنين رضي الله عنهم :﴿ واعلموا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ الله لَوْ يُطِيعُكُمْ فِى كَثِيرٍ مّنَ الأمر ﴾ يعني : ما أمرتم به، لأن الناس كانوا قد حرضوه على إرسالهم لقتال بني المصطلق، ﴿ لَعَنِتُّمْ ﴾ يعني : لأثمتم.
وروى أبو نضرة، عن أبي سعيد الخدري أنه قرأ.
هذه الآية :﴿ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِى كَثِيرٍ مّنَ الأمر لَعَنِتُّمْ ﴾ يعني : هذا نبيكم، وخياركم ﴿ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِى كَثِيرٍ مّنَ الأمر لَعَنِتُّمْ ﴾ فكيف بكم اليوم.
ويقال :﴿ لَعَنِتُّمْ ﴾ أي : لهلكتم.
وأصله من عنت البعير إذا انكسرت رجله.
ثم ذكر لهم النعم فقال :﴿ ولكن الله حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الايمان ﴾ يعني : جعل حب الإيمان في قلوبكم ﴿ وَزَيَّنَهُ فِى قُلُوبِكُمْ ﴾ يعني : حسنه للثواب الذي وعدكم.
ويقال : دلكم عليه بالحجج القاطعة.
ويقال : زينه في قلوبكم بتوفيقه إياكم لقبوله ﴿ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الكفر والفسوق والعصيان ﴾ يعني : بغض إليكم المعاصي، والكفر لما بينه من العقوبة.


الصفحة التالية
Icon