قوله تعالى :﴿والسحاب المسخر بَيْنَ السمآء والأرض﴾.
لم يبين هنا كيفية تسخيره، ولكنه بين ذلك في مواضع أخر كقوله :﴿وَهُوَ الذي يُرْسِلُ الرياح بُشْرىً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حتى إِذَآ أَقَلَّتْ سَحَاباً ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ المآء فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِن كُلِّ الثمرات كذلك نُخْرِجُ الموتى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُون﴾ [الأعراف : ٥٧]، وقوله :﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ الله يُزْجِي سَحَاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَاماً فَتَرَى الودق يَخْرُجُ مِنْ خِلاَلِهِ﴾ [النور : ٤٣]. أ هـ ﴿أضواء البيان حـ ١ صـ ٤٧﴾
" من اللطائف العلمية فى الآية "
مظاهر عظمة الله في الكون
آخر آية في المبحث الماضي دارت حول توحيد الله، وهذه الآية تقدم الدليل على وجود الله ووحدانيته.
قبل أن ندخل في تفسير الآية، لابدّ من مقدمة موجزة. حيثما كان " النظم والانسجام"، فهو دليل على وجود العلم والمعرفة، وأينما كان " التنسيق" فهو دليل على الوحدة. من هنا، حينما نشاهد مظاهر النظم والانسجام في الكون من جهة، والتنسيق ووحدة العمل فيه من جهة أخرى، نفهم وجود مبدأ واحد للعلم والقدرة صدرت منه كل هذه المظاهر.
حينما نمعن النظر في الأغشية الستة للعين الباصرة ونرى جهازها البديع، نفهم أن الطبيعة العمياء الصماء لا يمكن إطلاقاً أن تكون مبدأ مثل هذا الأثر البديع، ثم حينما ندقق في التعاون والتنسيق بين هذه الأغشية، والتنسيق بين العين بكل أجزائها وبين جسم الإنسان، والتنسيق الفطري الموجود بين الإنسان وبين سائر البشر، والتنسيق بين بني البشر وبين كل مجموعة نظام الكون، نعلم أن كل ذلك صادر من مبدأ واحد، وكل ذلك من آثار وقدرة ذات مقدسة واحدة.
ألا تدل القصيدة الجميلة العميقة المعنى على ذوق الشاعر وقريحته ؟ !
ألا يدلّ التنسيق الموجود بين قصائد الديوان الواحد على أنها جميعاً صادرة من قريحة شاعر مقتدر واحد ؟


الصفحة التالية
Icon