وقفات مع سورة ق
للشيخ صالح بن عواد المغامسي
الحمد لله الذي تقدست عن الأشباه ذاته، ودلت على وجوده آياته ومخلوقاته، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له خالق الخلق بما فيه، وجامع الناس ليوم لا ريب فيه، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، نبي شرح الله له صدره، ورفع الله له ذكره، ووضع الله عنه وزره، وجعل الذلة والصغار على من خالف أمره، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وعلى سائر من اقتفى أثره واتبع منهجه بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد.
عباد الله :
فإن سورة ( ق ) سوره مكية النزول طالما قرأها وتلاها وبين أسرارها رسول الله ﷺ في خطبة جمعته على منبره حتى حفظ بعض الصحابة هذه السورة من فيه الرطب صلوات الله وسلامه عليه. ولما كان لا هدي أكمل من هديه ولا طريق أقوم من طريقه فإنه حري بكل من رغب في إتباع السنة والتماس الهدي النبوي أن يشرع بين الحين والآخر في ذكر ما في هذه السورة من عظيم الآيات، وجلائل العظات، وبالغ التخويف من رب العالمين جل جلاله لعباده.
أيها المؤمنون :
لا أحد أعلم بالله من الله تبارك وتعالى، ولا أحد أدل على الطريق الموصل إلى جنانه والمبعد عن نيرانه منه تبارك وتعالى ولهذا أقسم الله جل وعلا في صدر هذه السورة بالقرآن وختم هذه السورة بقوله جل شأنه :﴿فذكر بالقرآن من يخاف وعيد ﴾ [ق٤٥].
وإن المؤمن إذا كان على الفطرة قويما مستقيما على منهاج محمد ﷺ كان لا يتأثر بشيء أعظم من تأثره بالقرآن. بالقرآن يجاهد المؤمن قال الله جل وعلا :﴿ وجاهدهم به جهادا كبيرا ﴾ [الفرقان٥٢]. وبالقرآن يقوم المؤمن بين يدي ربه ﴿ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا﴾[الإسراء٧٩]. وبالقرآن يخوف من عصى الله ﴿ فذكر بالقرآن من يخاف وعيد﴾.