جعله الله جل وعلا شرفا لهذه الأمة في الدنيا والآخرة ﴿وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون﴾ [الزخرف٤٤] والذكر هنا بمعنى الشرف العالي والمقام العظيم الذي أتاه الله نبيه ﷺ بما أوحى إليه من هذا القرآن العظيم.
ثم أخبر تبارك وتعالى أن أعظم العجب الذي انتاب كفار قريش أنهم استكبروا أن يبعث رسول من بين أظهرهم يعرفهم ويعرفونه فقالوا مستكبرين كما قال الله جل وعلا :﴿بل عجبوا أن جاءهم منذر منهم ﴾ [ق٢] وهذه العلة في الرد هي العلة التي امتطتها الأمم من قبل فأكثر الأمم التي بعث إليها الرسل كان أكبر حجتهم في الرد على رسولهم أنهم اعترضوا أن يبعث الله جل وعلا بشرا رسولا فأخبر الله تبارك وتعالى أنه لو قدر أن ينزل الله جل وعلا ملكا لكان هذا الملك بشرا رسولا يحمل أوصافهم ولبقي الأمر ملتبسا عليهم كما بقي في الأول ورسولنا ﷺ كانت قريش تعرفه قبل أن يبعث تعرفه بأمانته وعفافه وطهره صلوات الله وسلامه عليه تعرف منشأه ومدخله و مخرجه فليس لهم حجة في اعتراضهم عليه صلوات الله وسلامه عليه.
بل الأمر رحمة من الله محضة يضعها الله حيث يشاء قال جل ذكره :﴿وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم ﴾ [الزخرف٣١] فقال تبارك وتعالى مجيب لهم :﴿أهم يقسمون رحمة ربك ﴾ [الزخرف٣٢] فاقتضت رحمة الله جل وعلا وحكمته و مشيئته أن يكون محمد بن عبد الله صلوات الله وسلامه عليه خاتم الأنبياء وسيد الأولياء وأفضل الخلق أجمعين ولله جل وعلا الحكمة البالغة و المشيئة النافذة ﴿بل عجبوا أن جاءهم منذر منهم فقال الكافرون هذا شيء عجيب ﴾ [ق٢].


الصفحة التالية
Icon