فهم متفقون على أننا قد خلقناهم أول مرة لكن اللبس الذي في قلوبهم والشكك الذي في صدورهم إنما هو ناجم عن إعادة البعث والنشور قال الله جل وعلا مجيبا العاص ابن وائل لما أخذ عظاما بالية ووضعها في كفة ثم نفثها في وجه رسول الله ﷺ وهو يقول :" أتزعم يا محمد أن ربك يعيد هذا بعد خلقه "، قال الله مجيبا له :﴿وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم * قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم * الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا فإذا أنتم منه توقدون * أوليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العليم ﴾ [يس٨١] آمنا بالله الذي لا إله إلا هو قال الله :﴿ أفعيينا بالخلق الأول بل هم في لبس من خلق جديد ﴾ ثم قال جل وعلا :﴿ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد﴾ [ق١٦] وهذا قرب الله جل وعلا من عباده بملائكة بذلكم الرقيبين الذين يحصيان الكلمات ويعدان الأفعال. الذي عن اليمين يكتب الحسنات ويشهد على الآخر والذي عن الشمال يكتب السيئات ويشهد على الآخر ثم يلتقيان مع صاحبهما بين يدي الله بين يدي من لا تخفى عليه خافية فطوبى لعبد كانت سريرته خيرا له من علانيته.
قال الله جل وعلا :﴿ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد * إذ يتلقى المتلقيان ﴾ وهذا بيان للأول أي :﴿ونحن أقرب إليه من حبل الوريد ﴾حين يتلقى المتلقيان ﴿إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد * ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد﴾ تمضي على ذلك أيامه وأعوامه وما كتب الله له من الحياة حتى يواجه سكرت الموت وكلما تلفظ به أمر مسطور مكتوب لا يغيب قال الله سبحانه :﴿وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد ﴾ [ق١٩] أي تفر فلا يوجد أحد يلقي بنفسه إلى المهالك قال الله :﴿وجاءت سكرة الموت بالحق ﴾.


الصفحة التالية
Icon