فصل فى التفسير الموضوعى للسورة كاملة


قال الشيخ محمد الغزالى :
سورة ق
فى سورة (قَ) حديث عن البعث والجزاء سبقته الأدلة العقلية التى تشير إلى عظمة القدرة وسعة العلم وإمكان النشأة الآخرة! وقد تدبرت هذه الأدلة وأنا أرقب الطعام الذى أتناوله. إن بعضا منه يتحول إلى طاقة ترفع حرارة الجسم، كيف؟ لا أدرى! وبعض آخر يتحول إلى خلايا تسرى فيها الحياة، ويتكون منها العظم واللحم، وتزدحم فيها خصائص الأجداد والأحفاد. كيف؟ لا أدرى. ويصف علماء الحياة الخلية بأنها كائن يشبه مدينة بها ميادين وحارات وبها أسلاك كهرباء ومواسير مياه!! مع أن الخلية لا ترى بالبصر المجرد! والجزء الباقى من الطعام يعود " بالصرف الصحى " إلى الأرض، ليخرج منها مرة أخرى كيزان أذرة أو سنابل قمح أو شماريخ بلح يأكلها الإنسان ويجدد القصة التى شرحناها آنفا! فى كل جسد موت ونشور يتكرران فى كل ساعة من ليل أو نهار! فهل أستغرب إذا قال الله " ق والقرآن المجيد" ـ لتبعثن ـ " بل عجبوا أن جاءهم منذر منهم فقال الكافرون هذا شيء عجيب * أئذا متنا وكنا ترابا ذلك رجع بعيد * قد علمنا ما تنقص الأرض منهم وعندنا كتاب حفيظ ". لماذا تكون إعادة الخلق عجيبة؟ أليس هو الخالق الأول؟ ألا نرى التفاعل المستمر بين أجسادنا والتربة التى نعيش فوقها؟ إن فى كل لحظة بعثا ولكن الكافر بليد ذاهل! لقد بنى القرآن الإيمان على حركة العقل الباحث اليقظ، ثم صاغه فى قالب من البيان المعجز. قال الرواة إن إحدى الصحابيات حفظت سورة " ق.. " من فم الرسول وهو يخطب بها يوم الجمعة، لقد أنتقشت الكلمات فى ذهنها، وثبتت على التكرار، ثم تحولت فى سلوكها إلى خلق وعبادة ومنهج حياة.


الصفحة التالية
Icon