والبعث عندنا ليس فكرة نظرية، إنه شعور حى يستولى على الإنسان وهو يفعل أو يترك. " ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد * إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد * ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ". إن الفارق بعيد بين حياة الإيمان والحياة التى تقدمها الحضارة المعاصرة، إنها حضارة قلما تذكر الله أو تستعد للقائه أو تشعر بإشرافه! وقد فشلت الأديان السائدة فى إنعاش الضمير الدينى وتعويده رقابة الله.. والموت عند أغلب الأوروبيين والأمريكيين نهاية الوجود، وسيكون ما بعده مفاجأة لم يحسب لها حساب " لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد". ومن العرب المسلمين (!) من جرفهم هذا التيار، ومن رفض ضبط الدنيا لحساب الآخرة فهو يقول مع " الزهاوى" : ولا أبدِّل موهوما بمحسوس! الآخرة عنده وهم كما هى عند سادته! وستنتهى الدنيا حتما ويحصد الناس ما قدموا فيها. وفى سورة ق نجد مشهدين: الأول للملك الذى يحصى على الكافر ما صنع " وقال قرينه هذا ما لدي عتيد * ألقيا في جهنم كل كفار عنيد * مناع للخير معتد مريب ". وهنا يقول القرين من الشياطين الذى كان يقوم بوظيفة الإغواء وتزيين الشر "قال قرينه ربنا ما أطغيته ولكن كان في ضلال بعيد" يعنى أنه كان فاسدا قبل أن أفسده! " قال لا تختصموا لدي وقد قدمت إليكم بالوعيد * ما يبدل القول لدي وما أنا بظلام للعبيد ". وحديث القرين هنا عن صاحبه المجرم قريب مما ورد فى سورة الأنعام "يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس وقال أولياؤهم من الإنس ربنا استمتع بعضنا ببعض وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا قال النار مثواكم خالدين فيها... ". أما المشهد الثانى فعن مصير الأتقياء الأخيار " وأزلفت الجنة للمتقين غير بعيد * هذا ما توعدون لكل أواب حفيظ * من خشي الرحمن بالغيب وجاء بقلب منيب * ادخلوها بسلام ذلك يوم الخلود". ومع أن الدنيا دار ابتلاء وليست