"حَفِيظٍ" على حدود اللّه مبالغ في طاعته وهو "مَنْ خَشِيَ الرَّحْمنَ" خافه وأطاعه وصدق رسله "بِالْغَيْبِ" وآمن به من غير أن يراه "وَجاءَ" يوم القيامة إلى ربه "بِقَلْبٍ مُنِيبٍ ٣٣" اليه خاضع له خاشع لهيبته مخلص لعبادته مقبل اليه بكليته فهذا وأمثاله يقال لهم "ادْخُلُوها" أي الجنة التي قرّبت إليكم "بِسَلامٍ" وأمن من زوالها وسلام من اللّه وملائكته عليكم "ذلِكَ" يوم يدخل أهل الجنة الجنّة، وأهل النار النّار، هو "يَوْمُ الْخُلُودِ ٣٤" لا موت ولا خروج بعده أبدا "لَهُمْ" لأهل الجنة "ما يَشاؤُنَ فِيها وَلَدَيْنا مَزِيدٌ ٣٥" لهم مما لم يخطر على بالهم وهو رؤية
اللّه عز وجل إذ لا مزيد عليه لأهل الجنة بعدها، ولهذا فان جمهور المفسرين فسروا المزيد بالجنة كما فسروا الزيادة الواردة بالآية ٢٦ من سورة يونس في ج ٢ بها وبين مزيد وزيادة مناسبة باللفظ وبالآيتين بالمعنى، والقرآن يفسر بعضه، وبعد أن بين تعالى حال أهل النار وحال أهل الجنة للذكرى والاعتبار قال مهددا أهل مكة بما فعله من قبلهم بقوله "وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ" يا محمد من الأمم الماضية الذين لم تنفعهم الذكرى ولم يعتبروا بما وقع عليهم "مِنْ قَرْنٍ" أي قرون كثيرة ممن لم يتعظ بنذرنا "هُمْ" أي المهلكون "أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشاً" من قومك الذين يزعمون أنهم أشداء كثيرون، وأكثر عددا وعددا، وأعظم سطوة وجولة "فَنَقَّبُوا" طافوا وتقلبوا "فِي الْبِلادِ" شرقا وغربا جنوبا وشمالا ليروا ما يعصمهم من عذاب في الدنيا فلم يجدوا ما يقيهم منه فلينظر قومك "هَلْ مِنْ مَحِيصٍ ٣٦" مخلص أو مهرب لهم أو مأمن أو ملجأ من عذابي فلم يجدوا وهل وجد أحد من العصور الخالية وزرا مني ؟ كلا بل لا بد من الموت والرجوع إلي، قال الحارث بن كلدة :
نقبوا في البلاد من حذر الموت وجالوا في الأرض كل مجال
وقال امرئ القيس :