ويحتمل أن تكون إلى القول الذي يتضمنه الإنذار، وهو الخبر بالبعث، ويؤيد هذا القول ما يأتي بعد. وقرأ الأعرج وشيبة وأبو جعفر " إذا " على الخبر دون استفهام، والعامل ﴿ رجع بعيد ﴾، قال ابن جني ويحتمل أن يكون المعنى " أإذا متنا بعد رجعنا "، فيدل : ذلك ﴿ رجع بعيد ﴾ على هذا الفعل الذي هو بعد ويحل محل الجواب لقولهم :" إذا ". والرجع : مصدر رجعته. وقوله ﴿ بعيد ﴾ في الأوهام والفكر كونه فأخبر الله تعالى رداً على قولهم بأنه يعلم ما تأكل الأرض من ابن آدم وما تبقى منه، وإن ذلك في الكتاب، وكذلك يعود في الحشر معلوماً ذلك كله.
و" الحفيظ " : الجامع الذي لم يفته شيء. وقال الرماني :﴿ حفيظ ﴾ متبع أن يذهب ببلى ودروس، وروي في الخبر الثابت : أن الأرض تأكل ابن آدم إلا عجب الذنب، وهو عظم كالخرجلة، فمنه يركب ابن آدم، وحفظ ما تنقص الأرض إنما هو ليعود بعينه يوم القيامة، وهذا هو " الحق ". وذهب بعض الأصوليين غلى أن الأجساد المبعثرة يجوز أن تكون غير هذه، وهذا عندي خلاف لظاهر كتاب الله ولو كانت غيرها فكيف كانت تشهد الأيدي والأرجل على الكفرة إلى غير ذلك مما يقتضي أن أجساد الدنيا هي التي تعود. وقال ابن عباس ومجاهد والجمهور، المعنى : ما تنقص من لحومهم وأبشارهم وعظامهم. وقال السدي معنى قوله :﴿ قد علمنا ما تنقص الأرض منهم ﴾ أي ما يحصل في بطنها من موتاهم، وهذا قول حسن مضمنه الوعيد.