﴿وَءايَةٌ لَّهُمُ الأرض الميتة أحييناها﴾ [ ياس : ٣٣ ] حيث أثبت التاء هناك ؟ نقول الأرض أراد بها الوصف فقال :﴿الأرض الميتة﴾ لأن معنى الفاعلية ظاهر هناك والبلدة الأصل فيها الحياة، لأن الأرض إذا صارت حية صارت آهلة، وأقام بها الناس وعمروها فصارت بلدة فأسقط التاء لأن معنى الفاعلية ثبت فيها والذي بمعنى الفاعل لا يثبت فيه التاء، وتحقيق هذا قوله ﴿بَلْدَةٌ طَيّبَةٌ﴾ [ سبأ : ١٥ ] حيث أثبت التاء حيث ظهر بمعنى الفاعل، ولم يثبت حيث لم يظهر وهذا بحث عزيز.
قوله تعالى :﴿كذلك الخروج﴾ أي كالإحياء ﴿الخروج﴾ فإن قيل الإحياء يشبه به الإخراج لا الخروج فنقول تقديره ﴿وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتاً﴾ فتشققت وخرج منها النبات كذلك تشقق ويخرج منها الأموات، وهذا يؤكد قولنا الرجع بمعنى الرجوع في قوله ﴿ذَلِكَ رَجْعُ بَعِيدٌ﴾ [ ق : ٣ ] لأنه تعالى بيّن لهم ما استبعدوه فلو استبعدوا الرجع الذي هو من المتعدي لناسب أن يقول، كذلك الإخراج، ولما قال :﴿كذلك الخروج﴾ فهم أنهم أنكروا الرجوع فقال :﴿كذلك الخروج﴾ نقول فيه معنى لطيف على القول الآخر، وذلك لأنهم استبعدوا الرجع الذي هو من المتعدي بمعنى الإخراج والله تعالى أثبت الخروج وفيهما مبالغة تنبيهاً على بلاغة القرآن مع أنها مستغنية عن البيان، ووجهها هو أن الرجع والإخراج كالسبب للرجوع والخروج، والسبب إذا انتفى ينتفي المسبب جزماً، وإذا وجد قد يتخلف عنه المسبب لمانع تقول كسرته فلم ينكسر وإن كان مجازاً والمسبب إذا وجد فقد وجد سببه وإذا انتفى لا ينتفي السبب لما تقدم، إذا علم هذا فهم أنكروا وجود السبب ونفوه وينتفي المسبب عند انتفائه جزماً فبالغوا وأنكروا الأمر جميعاً، لأن نفي السبب نفي المسبب، فأثبت الله الأمرين بالخروج كما نفوا الأمرين جميعاً بنفي الإخراج. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٢٨ صـ ١٣٣ ـ ١٣٨﴾