فَلَمَّا تَركْنا الدارَ ظَلَّتْ مُنِيفَةً...
بِقُرَّانَ فيه الباسقات المواقرُ
والأوّل في اللغة أكثر وأشهر ؛ ( يقال ) بَسَقَ النخلُ بُسوقاً إذا طال.
قال :
لنا خمرٌ وليست خمر كَرْمٍ...
ولكنْ مِن نِتاجِ الباسِقاتِ
كِرامٌ في السماء ذَهَبْنَ طولاً...
وفاتَ ثِمارُها أيدي الجُنَاةِ
ويقال : بسق فلان على أصحابه أي علاهم، وأبسقت الناقةُ إذا وقع في ضرعها اللبن قبل النِّتاج فهي مُبْسِق ونُوقٌ مَبَاسِيق.
وقال قطبة بن مالك : سمعت النبيّ ﷺ يقرأ "بَاصِقَاتٍ" بالصاد ؛ ذكره الثعلبي.
قلت : الذي في صحيح مسلم عن قطبة بن مالك قال : صلّيت وصلّى بنا رسول الله ﷺ فقرأ :﴿ ق والقرآن المجيد ﴾ حتى قرأ ﴿ والنخل بَاسِقَاتٍ ﴾ قال فجعلت أردّدها ولا أدري ما قال، إلا أنه لا يجوز إبدال الصاد من السين لأجل القاف.
﴿ لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ ﴾ الطلع هو أوّلُ ما يخرج من ثمر النخل ؛ يقال : طَلَعَ الطلعُ طُلوعاً وأطلعت النخلةُ، وطَلْعها كُفُرّاها قبل أن ينشق.
"نضِيدٌ" أي متراكب قد نُضِّد بعضُه على بعض.
وفي البخاري :"النَّضِيدُ" الكُفُرّى مادام في أكمامه ومعناه منضود بعضه على بعض ؛ فإذا خرج من أكمامه فليس بنضيد.
﴿ رِّزْقاً لِّلْعِبَادِ ﴾ أي رزقناهم رزقاً، أو على معنى أنبتناها رزقاً ؛ لأن الإنبات في معنى الرزق، أو على أنه مفعول له أي أنبتناها لرزقهم، والرزق ما كان مهيأ للإنتفاع به.
وقد تقدم القول فيه.
﴿ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتاً كَذَلِكَ الخروج ﴾ أي من القبور أي كما أحيا الله هذه الأرض الميتة فكذلك يخرجكم أحياء بعد موتكم ؛ فالكاف في محل رفع على الابتداء.
وقد مضى هذا المعنى في غير موضع.
وقال "مَيْتاً" لأن المقصود المكان ولو قال ميتة لجاز. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ١٧ صـ ﴾