وقال الآلوسى :
﴿ أَفَلَمْ يَنظُرُواْ ﴾
أي أغفلوا أو عموا فلم ينظروا حين كفروا بالبعث ﴿ إِلَى السماء فَوْقَهُمْ ﴾ بحيث يشاهدونها كل وقت، قيل : وهذا ظاهر على ما هو المعروف بين الناس من أن المشاهد هو السماء التي هي الجرم المخصوص الذي يطوى يوم القيامة وقد وصف في الآيات والأحاديث بما وصف.
وأما على ما ذهب إليه الفلاسفة من أن المشاهد إنما هو كرة البخار أو هواء ظهر بهذا اللون ولا لون له حقيقة ودون ذلك الجرم ففيه خفاء، وقال بعض الأفاضل في هذا المقام : إن ظواهر الآيات والأخبار ناطقة بأن السماء مرئية، وما ذكره الفلاسفة المتقدمون من أن الأفلاك أجرام صلبة شفافة لا ترى غير مسلم أصلاً، وكذا كون السموات السبع هي الأفلاك السبعة غير مسلم عند المحققين، وكذا وجود كرة البخار وأن ما بين السماء والأرض هواء مختلف الأجزاء في اللطافة فكلما علا كان ألطف حتى أنه ربما لا يصلح للتعيش ولا يمنع خروج الدم من المسام الدقيقة جداً لمن وصل إليه، وإن رؤية الجو بهذا اللون لا ينافي رؤية السماء حقيقة وإن لم تكن في نفسها ملونة به ويكون ذلك كرؤية قعر البحر أخضر من وراء مائة ونحو ذلك مما يرى بواسطة شيء على لون وهو في نفسه على غير ذلك اللون، بل قيل : إن رؤية السماء مع وجود كرة البخار على نحو رؤية الأجرام المضيئة كالقمر وغيره.