بسطناها وهو لا ينافي كريتها التامة أو الناقصة من جهة القطبين لمكان العظم ﴿ وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رواسي ﴾ جبالاً ثوابت تمنعها من الميد كما يدل عليه قوله تعالى في آية أخرى :﴿ رَوَاسِىَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ ﴾ [ النحل : ١٥ ] وهو ظاهر في عدم حركة الأرض، وخالف في ذلك بعض الفلاسفة المتقدمين وكل الفلاسفة الموجودين اليوم، ووافقهم بعض المغاربة من المسلمين فزعموا أنها تتحرك بالحركة اليومية بما فيها من العناصر وأبطلوا أدلة المتقدمين العقلية على عدم حركتها، وهل يكفر القائل بذلك الذي يغلب على الظن لا ﴿ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلّ زَوْجٍ ﴾ صنف ﴿ بَهِيجٍ ﴾ حسن يبهج ويسر من نظر إليه.
تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ (٨)
﴿ تَبْصِرَةً وذكرى لِكُلّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ ﴾ راجع إلى ربه، وهو مجاز عن التفكر في بدائع صنعه سبحانه بتنزيل التفكر في المصنوعات منزلة الرجوع إلى صانعها، و﴿ تَبْصِرَةً وذكرى ﴾ علتان للأفعال السابقة معنى وإن انتصبا بالفعل الأخير أو لفعل مقدر بطريق الاستئناف أي فعلنا ما فعلنا تبصيراً وتذكيراً، وقال أبو حيان : منصوبان على المصدرية لفعل مقدر من لفظهما أي بصرنا وذكرنا والأول أولى.
وقرأ زيد بن علي ﴿ تَبْصِرَةً وذكرى ﴾ بالرفع على معنى خلقهما تبصرة وذكرى، وقوله تعالى :
﴿ وَنَزَّلْنَا مِنَ السماء مَاء مباركا ﴾


الصفحة التالية
Icon