وحكى الثعلبي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : قال النبي ﷺ :" إن مقعد الملكين على الثنيتين، قلمهما اللسان، ومدادهما الريق " وقال الضحاك والحسن : مقعدهما تحت الشعر، وكان الحسن يحب أن ينظف غفقته لذلك قال الحسن : حتى إذا مات طويت صحيفته وقيل له يوم القيامة :﴿ اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً ﴾ [ الإسراء : ١٤ ] عدل والله عليه من جعله حسيب نفسه. والرقيب : المراقب. والعتيد : الحاضر وقوله :﴿ وجاءت ﴾ عطف عندي على قوله :﴿ إذ يتلقى ﴾ فالتقدير : وإذ تجيء سكرة الموت، وجعل الماضي في موضع المستقبل تحقيقاً وتثبيتاً للأمر، وهذا أحث على الاستعداد واستشعار القرب، وهذه طريقة العرب في ذلك، ويبين هذا في قوله :﴿ ونفخ في الصور ﴾ ﴿ وجاءت كل نفس ﴾ فإنها ضرورة بمعنى الاستقبال. وقرأ أبو عمرو :﴿ وجاءت سكرة ﴾ بإدغام التاء في السين. و﴿ سكرة الموت ﴾ : ما يعتري الإنسان عند نزاعه والناس فيها مختلفة أحوالهم، لكن لكل واحد سكرة، وكان رسول الله ﷺ في نزاعه يقول :" إن للموت لسكرات ".
وقوله :﴿ بالحق ﴾ معناه : بلقاء الله وفقد الحياة الدنيا. وفي مصحف عبد الله بن مسعود :" وجاءت سكرة الحق بالموت ". وقرأها ابن جبير وطلحة، ويروى أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قالها كذلك لابنته عائشة وذلك أنها قعدت عند رأسه وهو ينازع فقالت :[ الطويل ]
لعمرك ما يغني الثراء عن الفتى... إذا حشرجت يوماً وضاق بها الصدر
ففتح أبو بكر رضي الله عنه عينه فقال : لا تقولي هكذا، وقولي :" وجاءت سكرة الحق بالموت " ﴿ ذلك ما كنت منه تحيد ﴾. وقد روي هذا الحديث على مشهور القراءة ﴿ وجاءت سكرة الموت بالحق ﴾ فقال أبو الفتح : إن شئت علقت الباء ب ﴿ جاءت ﴾، كما تقول : جئت بزيد، وإن شئت كانت بتقدير : ومعها الموت.