واختلف المتأولون في معنى :" وجاءت سكرة الحق بالموت " فقال الطبري وحكاه الثعلبي :" الحق " الله تعالى، وفي إضافة السكرة إلى اسم الله تعالى بعد وإن كان ذلك سائغاً من حيث هي خلق له، ولكن فصاحة القرآن ورصفه لا يأتي فيه هذا. وقال بعض المتأولين المعنى : وجاءت سكرة فراق الحياة بالموت وفراق الحياة حق يعرفه الإنسان ويحيد منه بأمله. ومعنى هذا الحيد : أنه يقول : أعيش كذا وكذا، فمتى فكر في قرب الموت حاد بذهنه وأمله إلى مسافة بعيدة من الزمن، وأيضاً فحذر الموت وتحرزاته ونحو هذا حيد كله. وقد تقدم القول في النفخ في الصور مراراً. و: ﴿ يوم الوعيد ﴾ هو يوم القيامة وأضافه إلى الوعيد تخويفاً.
وقوله تعالى :﴿ وجاءت كل نفس معها ﴾ وقرأ طلحة بن مصرف :" محّها " بالحاء المثقلة. والسائق : الحاث على السير.
واختلف الناس في السائق والشهيد، فقال عثمان بن عفان ومجاهد وغيره : ملكان موكلان بكل إنسان أحدهما يسوقه والآخر من حفظته يشهد عليه. وقال ابو هريرة : السائق ملك، والشهيد : العمل وقال منذر بن سعيد : السائق : الملك والشهيد : النبي ﷺ، قال وقيل : الشهيد : الكتاب الذي يلقاه منشوراً. وقال بعض النظار :﴿ سائق ﴾، اسم جنس، و﴿ شهيد ﴾ كذلك، فالساقة للناس ملائكة يوكلون بذلك، والشهداء : الحفظة في الدنيا وكل ما يشهد.
وقال ابن عباس والضحاك : السائق ملك، والشهيد : جوارح الإنسان، وهذا يبعد على ابن عباس، لأن الجوارح إنما تشهد بالمعاصي.


الصفحة التالية
Icon