وقوله تعالى :﴿ كل نفس ﴾ يعم الصالحين، فإنما معناه : وشهيد بخيره، وشره، ويقوى في :﴿ شهيد ﴾ اسم الجنس، فتشهد بالخير الملائكة والبقاع، ومنه قول النبي ﷺ :" لا يسمع مدى صوت المؤذن إنس ولا جن ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة " وكذلك يشهد بالشر الملائكة والبقاع والجوارح. وقال أبو هريرة : السائق : ملك، والشهيد : العمل. وقال ابن مسلم : السائق : شيطان. حكاه عنه الثعلبي والقول في كتاب منذر بن سعيد وهو ضعيف.
لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (٢٢)
قرأ الجحدري :" لقد كنتِ " على مخاطبة النفس وكذلك كسر الكافات بعد.
وقال صالح بن كيسان والضحاك وابن عباس معنى قوله :﴿ لقد كنت ﴾ أي يقال للكافر الغافل من ذوي النفس التي معها السائق والشهيد إذا حصل بين يدي الرحمن وعاين الحقائق التي كان لا يصدق بها في الدنيا ويتغافل عن النظر فيها، ﴿ لقد كنت في غفلة من هذا ﴾، فلما كشف الغطاء عنك الآن احتد بصرك أي بصيرتك وهذا كما تقول : فلان حديد الذهن والفؤاد ونحوه، وقال مجاهد : هو بصر العين إذا احتد التفاته إلى ميزانه وغير ذلك من أهوال القيامة.